هناك قواعد بيانات نائمة في أدراج التقنيين، وأخرى توقظ الضمائر، والقاعدة التي أطلقتها منظمة اليونيسف في ربيع 2025 تنتمي دون شك إلى الفئة الثانية، فقاعدة بيانات الميزانية العالمية للتلقيح (GIBD) لا تكتفي بسرد أعمدة من الأرقام، بل تُفصح عن الصمت المالي، وتطرح تساؤلات حول الأولويات، وتُعيد لكلمة “الصحة العمومية” معناها الكامل، باعتبارها التزامًا مرئيًا، مُرقّمًا، ومُعلَنًا.
الشفافية المالية كرافعة للثقة
وفي عالم يتزايد فيه الشك، وتتلاشى فيه فعالية الخطابات المطمئنة، ويظل فيه الوصول إلى اللقاح مرهونًا غالبًا بالموقع الجغرافي، لم تعد الشفافية ترفًا بل أصبحت ضرورة أخلاقية. وهنا تضرب قاعدة البيانات هذه بقوة: فهي تقدم دليلاً واضحًا، بالأرقام والوثائق، عمّا تُخصصه الدول أو لا تُخصصه من ميزانيات لتحصين سكانها.
مرآة للسياسات العمومية
ورغم أن الفكرة بسيطة لكنها فعالة للغاية ، أين تعتمد GIBD حصريًا على الوثائق الرسمية للميزانيات الوطنية المعتمدة، كما أن كل رقم موثق وكل خانة قابلة للتتبع، وبالتالي هي ليست تقديرات، ولا تمرينًا أكاديميًا، بل مرآة تُرفع أمام الحكومات.
أداة للعمل المدني
تسمح واجهة الاستخدام البسيطة والعملية بالتنقل عبر القارات مع مقارنة الجهود، ورصد التراجعات، والاحتفاء بالتقدّم، إذن هي كما ذكرنا ليست مجرد قاعدة بيانات، بل أداة للتحقيق والمساءلة المدنية.
دعوة للمسؤولية الجماعية
ولا تكتفي GIBD بتقديم الواقع، بل تطرح أساسًا متينًا للمرافعة الواعية، ولمناشدات تعبئة ترتكز على الأدلة، من أجل عدالة صحية لا تكون حلمًا طوباويًا بل أفقًا مشتركًا.
الصحة العامة بالأرقام، والثقة في الواجهة
فإن كان اللقاح يُنقذ الأرواح، فإن الشفافية تُنقذ الثقة وبدون الثقة لا يمكن تحقيق تغطية تلقيحية كافية، ولا تقدم فعلي. ولكل من يؤمن أن البيانات قادرة على تغيير العالم، تقدم اليونيسف أداة متواضعة لكنها قوية. فهي ليست مجرد قاعدة بيانات، بل نداءٌ لتحمّل المسؤولية مع دعوة لقراءة الأرقام لا كغاية، بل كنقطة انطلاق لحكاية جديدة وهي حكاية صحة عالمية مُعترف بها، ومُمولة، ومشتركة.
ولوج مجاني لثورة صامتة
لمن يرغب في الغوص في ميزانيات التلقيح والمساهمة في هذه الثورة الصامتة، فإن قاعدة GIBD متاحة للجميع عبر الموقع الرسمي لليونيسف.
الكلمات المفتاحية: التلقيح، الشفافية المالية، اليونيسف، تمويل الصحة، GIBD، الإنصاف في التلقيح، المرافعة، الصحة العامة، التحصين، الحوكمة الأخلاقية.