خطت الجزائر خطوة هامة نحو تحقيق طموحها في الاستقلال الدوائي،  فقد أعلن وزير الصناعة الصيدلانية” وسيم قويدري” أن 80% من حاجيات البلاد من الأدوية باتت مغطاة عبر الإنتاج المحلي، في إنجاز استراتيجي يضع الجزائر كنموذج في مجال السيادة الصحية على مستوى إفريقيا والعالم العربي.

نحو استقلال دوائي مضبوط

وجاءت تصريحات الوزير في سياق عالمي يشهد اضطرابات في سلاسل التوريد وهشاشة صحية كشفت عنها جائحة كوفيد-19. فبلوغ نسبة 80% من التغطية المحلية يعني أن معظم الأدوية الأساسية تُصنّع اليوم داخل البلاد، مما يخفف بدرجة كبيرة من الاعتماد على واردات مكلفة وغير مضمونة في كثير من الأحيان.

غير أن هذا النجاح لا يخلو من التحديات، إذ أشار “وسيم قويدري” إلى وجود خلل في توزيع الإنتاج، إذ أن بعض الأصناف العلاجية تُنتج بكميات زائدة قد تؤدي إلى تشبع السوق، بينما لا تزال أصناف أخرى تعتمد بشكل كبير على الاستيراد.

إعادة تنظيم العرض لسد الثغرات

هذا وقد دعا الوزير إلى ترشيد السوق الصيدلانية المحلية، من خلال توجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي لا تزال تعرف عجزاً، لا سيما الأدوية المتخصصة والأدوية المضادة للسرطان، وتلك المستخلصة من التكنولوجيا الحيوية، والتي ما تزال تُستورد بشكل واسع.

ويقتضي ذلك تنسيقاً أكبر بين السلطات العمومية والمصنّعين وهيئات التنظيم، لرسم خريطة دقيقة لاحتياجات السوق الوطنية. وتعتزم الحكومة وضع حوافز محددة وإطار تنظيمي ملائم لتوجيه الفاعلين نحو القطاعات الحيوية ذات الأولوية.

نظام رقابة مشدد

من جهته حرص الوزير أيضاً على طمأنة الرأي العام بخصوص جودة وأمان الأدوية المتداولة في الجزائر. وأكد أن دواء “سينتروم” المانع لتخثر الدم، والذي كثيراً ما يُعرض للاتجار غير المشروع في بعض البلدان، لم يتم استيراده منذ سنة 2023، وأن إنتاجه محصور على مختبرين وطنيين مرخصين يلتزمان بمعايير صارمة.

وشدد قائلاً: “الجزائر خالية تماماً من الأدوية المقلدة”، وهو ما تحقق بفضل نظام دقيق للتتبع والتفتيش ومراقبة الجودة، يتم تطبيقه على كافة مستويات سلسلة الإنتاج والتوزيع. وقد تم تعزيز عمليات التفتيش من قبل السلطات الصحية والجمارك، بالتعاون مع الهيئات الدولية المعنية بمكافحة الأدوية المزوّرة.

رهان السيادة الوطنية

لا يعتبر صعود الصناعة الصيدلانية الوطنية فقط إنجازاً صناعياً، بل هو رهان حيوي للصحة العامة والسيادة الوطنية. فالإنتاج المحلي يعني ضمان توفر العلاجات بشكل أفضل، وتفادي انقطاع الأدوية، وضمان العدالة في الوصول إلى الدواء لجميع المواطنين.

كما تعتزم الجزائر توسيع قدراتها التصديرية نحو الأسواق الإقليمية خاصة الإفريقية، حيث يشهد الطلب على المنتجات الصيدلانية نمواً مستمراً. وقد بدأت عدة شراكات دولية بهدف نقل التكنولوجيا والحصول على شهادات اعتماد دولية لمصانع الأدوية الجزائرية.

المرحلة القادمة: الابتكار والبحث الدوائي

وأكد الوزير مجدداً أن الهدف بعيد المدى هو جعل الجزائر قطباً صيدلانياً إقليمياً، قادراً ليس فقط على الإنتاج، بل أيضاً على الابتكار عبر الاستثمار في البحث والتطوير والتكنولوجيا الحيوية والأدوية عالية القيمة.

الكلمات المفتاحية: صيدلة، أدوية، الجزائر، قويدري.

اقرأ أيضا: