
توحي دورات المياه العامة عادة بعدم الثقة، فخوفا من البكتيريا يفضّل الكثيرون عدم الجلوس على مقعد المرحاض. لكن الدراسات العلمية تؤكد أن الخطر الحقيقي لا يأتي من هناك فليست المقاعد هي المشكلة، بل الهواء المحيط، والأسطح المجاورة، وبعض التجهيزات خصوصا مجففات الأيدي الأوتوماتيكية التي تشكل أكبر مصادر الخطر الميكروبي.
ميكروبات موجودة في كل مكان… لكنها لا تشكل دائما تهديدا
تُعدّ البكتيريا جزء طبيعيا من بيئتنا وحتى من أجسامنا، فنحن نحتضن ما يقارب 100 ألف مليار من الكائنات الدقيقة الضرورية لصحة جهازنا الهضمي ولمناعتنا. لكن بعض البكتيريا الموجودة في البراز قد تصبح مرضية عند انتقالها من شخص لآخر، لا سيما عبر الأيدي أو الأسطح الملوثة.
وعلى عكس الشائع فإن الجلوس على مقعد مرحاض نظيف لا يسبب العدوى، لأن بشرتنا وجهازنا المناعي يشكلان حاجزاً فعالاً ضد أغلب الميكروبات.
وتنتقل العدوى المعوية غالباً عن طريق الفم / البراز، أي عندما تصل بكتيريا مصدرها البراز إلى الفم، وغالباً بسبب سوء غسل اليدين.
الخطر الخفي لرذاذ المرحاض
وكشفت دراسة علمية نُشرت عام 2011 ظاهرة غير معروفة: السحابة الدقيقة من الرذاذ التي تتطاير عند سحب السيفون، فهذه الجزيئات المجهرية المحمّلة بالبكتيريا البرازية يمكن أن تنتشر في كل أرجاء المرحاض: المقعد، الجدران، الأرضية، الباب، صنبور الماء، وحتى موزع الورق.
وفي ثوانٍ تتشكل طبقة ميكروبية رقيقة على الأسطح، مما يزيد خطر العدوى غير المباشرة، ولهذا ينصح الخبراء بإغلاق الغطاء قبل سحب السيفون وهي خطوة بسيطة وغالباً ما يتم اهمالها .
مقعد المرحاض… عدو وهمي
يستمر الكثيرون في “التحليق” فوق المراحيض العامة اعتقادا بأنهم يتجنبون الجراثيم، لكن هذه الوضعية التي تبدو وقائية ليست بلا عواقب، أين يشير أخصائيو العلاج الفيزيائي إلى أنه عند التبوّل دون الجلوس، تنقبض عضلات قاع الحوض والبطن بشدة، ما يعيق التدفق الطبيعي للبول ويجعل الشخص يضطر إلى الدفع وهو سلوك ضار.
ومع مرور الوقت قد تؤدي هذه الوضعية إلى مشاكل مثل هبوط أعضاء الحوض، التهابات المسالك البولية أو إفراغ غير كامل للمثانة.
باختصار: الجلوس على مقعد نظيف وغسل اليدين أفضل بكثير من اتخاذ وضعية غير مريحة وضارة.
مجففات الأيدي الأوتوماتيكية: أوكار للبكتيريا
وفي ذات السياق فإن المتهم الحقيقي وفق عدة أبحاث موجود في مكان آخر وهو : مجففات الأيدي بالهواء القوي، فهذه الأجهزة تحرّك هواء الحمام الملوث، وتنفث آلاف الجزيئات الميكروبية على اليدين بعد غسلهما.
وأظهرت دراسة من جامعة ليدز (المملكة المتحدة) أن البكتيريا تنتشر حتى مسافة ثلاثة أمتار حول مجففات الأيدي، مقابل بضعة سنتيمترات فقط عند استخدام مناديل الورق.
تُعد مقابض الأبواب والحنفيات والمفاتيح أسطحاً حرجة، إذ يلمسها يومياً مئات الأشخاص، ما قد ينقل بكتيريا تسبب التهاب المعدة والأمعاء، والإنفلونزا، وحتى التهابات جلدية.
خطوات بسيطة للوقاية
تبقى الوقاية الوسيلة الأفضل للحد من المخاطر. وينصح الأطباء وخبراء النظافة بما يلي:
- غسل اليدين جيداً بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 30 ثانية
- إغلاق الصنبور باستخدام منديل أو بالكوع
- تجنّب مجففات الهواء الساخن، ويفضَّل استخدام مناديل الورق
- عدم وضع الهاتف أو الحقيبة أو المفاتيح على الأسطح
- إغلاق الغطاء قبل سحب السيفون
- استخدام معقم اليدين عندما لا يتوفر غسل اليدين
مسألة نظافة… ومسؤولية صحية عامة
تتجاوز النظافة في دورات المياه العمومية مجرد المظهر النظيف فهي قضية صحة عامة. فالساحات الصحية غير النظيفة تساهم في انتشار البكتيريا المقاومة وتزيد احتمال العدوى المجتمعية.
ويجب أن تخضع المراحيض العمومية في المقاهي، المدارس، المستشفيات، الإدارات لرقابة منتظمة، وتنظيف يومي، وتعقيم يلتزم بالمعايير الصحية.
“توفير مراحيض نظيفة وجيدة التهوية ومناسبة للجميع هو حماية للصحة العامة وصون لكرامة الإنسان.”
الكلمات المفتاحية: مراحيض؛ عمومية؛ نظافة؛ صحة؛ بكتيريا؛ براز؛ كرامة؛
إقرأ أيضاً: