صحة جيدة لحياة أفضل

الأرق: دراسة كندية تكشف عن خمسة أنماط من النائمين الأكثر عرضة للإصابة به

حرر : صفاء كوثر بوعريسة | صحفية
21 أكتوبر 2025

دراسة تكشف البصمات الدماغية المرتبطة باضطرابات النوم

الأرق ليس مجرد اضطراب بسيط في النوم، بل هو خلل معقد يتقاطع فيه الدماغ مع العواطف ونمط الحياة. فقد تمكن باحثون كنديون من تحديد خمسة أنماط مميزة من النائمين الأكثر عرضة لهذا الاضطراب، في دراسة نُشرت في مجلة PLOS Biology بتاريخ 7 أكتوبر 2025، أين كان هدفهم تحديد بصمات عصبية دقيقة تساعد على فهم السبب الذي يجعل بعض الأدمغة تقاوم قلة النوم، بينما تنهار أخرى تحت وطأتها.

وقام فريق البحث بتحليل بيانات 770 شاباً وشابة تتراوح أعمارهم بين 22 و36 سنة، لدراسة مختلف أبعاد النوم عبر مقاربة تُعرف بـ”النهج البيولوجي النفسي الاجتماعي” أي التي تجمع بين علم الأحياء، وعلم النفس، والبيئة الاجتماعية. ويُميز الباحثون بوضوح بين كمية النوم وجودته، حيث يؤكدون أن “قصر مدة النوم لا يعني بالضرورة سوء جودته”. بمعنى آخر، النوم القليل لا يعني النوم السيئ… بشرط أن يكون نوماً عميقاً ومنتظماً ومريحاً.

وقد سمح التحليل الدقيق للنشاط الدماغي لدى المشاركين بتحديد خمسة أنماط مميزة من الترابط العصبي، يتوافق كل منها مع نوع محدد من النائمين، تتفاوت درجات تعرضهم للأرق.

هذا النمط يجمع كل العلامات الكلاسيكية لسوء النوم:

  • صعوبة في الاستغراق في النوم،
  • نوم متقطع،
  • نعاس في النهار،
  • وشعور عام بعدم الارتياح عند الاستيقاظ.

ومن الناحية النفسية يكون أصحاب هذا النمط أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر المزمن. كما تُظهر أدمغتهم نشاطاً غير منظم في المناطق المسؤولة عن تنظيم العواطف، لذلك فهم الأكثر عرضة للأرق المزمن وما يترتب عليه من آثار كالعصبية، وتشتت التركيز، والإرهاق المستمر.

يتميز هذا النمط بنشاط ذهني وعاطفي مكثف، وغالباً ما يُلاحظ لدى الأشخاص المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، فهؤلاء النائمون يعانون من القلق والاندفاع وكثرة التفكير، لكن نومهم يظل متماسكاً بشكل مدهش ، فأدمغتهم قادرة على التكيف والتعويض عن الاضطرابات، مما يشير إلى مرونة عصبية عالية.

يتصف هذا النمط بالاستخدام المتكرر للأدوية المنومة، ورغم أنهم لا يعانون من نعاس واضح خلال النهار، إلا أن أداءهم الإدراكي يتراجع، إذ يظهر لديهم:

  • ضعف في الذاكرة البصرية،
  • صعوبة في التعرف على مشاعر الآخرين،
  • وانخفاض في التعاطف العاطفي.

وترجع هذه التأثيرات إلى التغيرات الكيميائية التي تُحدثها المنومات في بنية النوم، حيث تقلل من مرحلة “حركة العين السريعة” الضرورية لتثبيت الذاكرة والتوازن العاطفي.

يضم هذا النمط الأشخاص الذين ينامون بين 6 و7 ساعات في الليلة، وغالباً بسبب ضغوط مهنية أو اجتماعية، ويُترجم هذا النقص في النوم إلى:

  • انخفاض في دقة الأداء في المهام الإدراكية،
  • بطء في سرعة الاستجابة،
  • زيادة في العصبية،
  • وأحياناً سلوكيات عدوانية.

ويؤدي نقص النوم المزمن إلى اختلال كيميائي عصبي في مناطق القشرة الجبهية الأمامية، المسؤولة عن اتخاذ القرار وتنظيم الانفعالات.

يمثل هذا النمط مزيجاً من الضعف العاطفي والهشاشة الإدراكية، فأصحاب هذا النمط أكثر عرضة للقلق، والأفكار المتسلطة، والسلوكيات الإدمانية (كالكحول والتدخين وبعض المواد الأخرى). وتُظهر أدمغتهم تغيرات في دوائر المكافأة وضبط الاندفاعات، ما يجعلهم أكثر حساسية للتوتر وأقل قدرة على التعافي بعد ليلة نوم صعبة.

يرى الباحثون أن فهم الشخص لنمط نومه يساعده على تعديل استراتيجيته الخاصة لتحسين نومه، وفيما يلي بعض التوصيات التي يؤكدها خبراء النوم:

  • مواعيد ثابتة: النوم والاستيقاظ في أوقات منتظمة لتعزيز الساعة البيولوجية.
  • الضوء الطبيعي: التعرض لأشعة الشمس صباحاً لتحفيز إفراز الكورتيزول وتنظيم الميلاتونين.
  • الشاشات: تجنب الضوء الأزرق قبل النوم بساعة.
  • التغذية: عشاء خفيف وتجنب الكافيين والكحول والوجبات المتأخرة.
  • النوم الطبيعي: الحد من استخدام المنومات لفترات طويلة لأنها تغيّر بنية النوم.
  • نشاط بدني معتدل: كالمشي، أو اليوغا، أو السباحة لتسهيل الاستغراق الطبيعي في النوم.
  • الاسترخاء: تنفس ببطء، مارس التأمل أو تمارين التناسق القلبي لتهدئة الذهن قبل النوم.

تؤكد هذه الدراسة أن الأرق لا يرتبط بسبب واحد، بل له وجوه متعددة، فالدماغ والعواطف ونمط الحياة هي التي تشكل نومنا أكثر مما نتصور، لذا التعرف على نمط نومك هو الخطوة الأولى نحو نوم مريح ومستدام، وربما قبل أن نبحث عن النوم… علينا أن نتعلم أولاً كيف نصغي جيداً إلى أدمغتنا.

الكلمات المفتاحية: الدماغ، النوم، الأرق، الصحة.

إقرأ أيضاً: