صحة جيدة لحياة أفضل

أول عملية ناجحة لزرع جزر البنكرياس في مستشفى جامعة تولوز: بصيص أمل لمرضى السكري 

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
3 أبريل 2025

حقق المستشفى الجامعي بتولوز إنجازًا طبيًا كبيرًا من خلال أول عملية ناجحة لزرع جزر البنكرياس، ما يمثل تقدّمًا واعدًا لمرضى السكري من النوع الأول الذين يعانون من عدم استقرار حاد في مستويات السكر بالدم. أين تفتح هذه العملية المبتكرة الباب أمام بديل للعلاجات التقليدية التي لم تعد كافية للسيطرة على نسبة الغلوكوز لدى بعض المرضى.

تقوم عملية زرع جزر البنكرياس المعروفة أيضًا بجزر لانغرهانس، على استخلاص الخلايا المنتجة للأنسولين من بنكرياس متبرع وزرعها في كبد المريض. وبخلاف زرع البنكرياس الكامل تُعد هذه التقنية أقل توغلاً وتتيح تحكمًا أفضل في نسبة السكر بالدم، مما يقلل من خطر الإصابة بنوبات انخفاض السكر الحادة ويحسّن جودة حياة المرضى.

تمثل أول عملية ناجحة لزرع جزر البنكرياس في مستشفى تولوز الجامعي أكثر من مجرد تقدم طبي، فهي نقطة تحول في علاج السكري من النوع الأول، حيث مكّنت المريضة المستفيدة من تحقيق استقرار أفضل في نسبة السكر بالدم وتقليل كبير في اعتمادها على الأنسولين. لا تقتصر هذه الخطوة على الجوانب التقنية فقط بل تعكس أيضًا ثمرة تعاون وثيق بين فرق طبية متخصصة وباحثين ملتزمين، وشبكات زرع أعضاء تتسم بالتضامن والعمل الجماعي.

يعتمد مرضى السكري من النوع الأول على جرعات يومية كبيرة من الأنسولين لتنظيم مستويات السكر في الدم. إلا أن هذه التقنية الجديدة، التي تستفيد من جزر لانغرهانس المأخوذة من متبرعين، تتيح للمريض إنتاج الأنسولين ذاتيًا، ما يؤدي إلى تحسن ملحوظ في تنظيم الغلوكوز ويقلل الحاجة إلى الحقن اليومية. بالنسبة للمريضة التي أجريت لها العملية في تولوز، أصبح التحكم في مرضها أكثر استقرارًا، ما منحها حياة يومية أقل اضطرابًا بسبب تقلبات السكر. كما أن هذا التحسن أساسي لأنه يساعد على تقليل مخاطر المضاعفات طويلة الأمد مثل أمراض القلب والأعصاب والكلى، وهي شائعة لدى مرضى السكري غير المنضبطين.

يرتكز نجاح هذه العملية على عدة عوامل من بينها الكفاءة العالية للفرق الطبية، وجودة البحوث في هذا المجال والتنظيم الفعّال لشبكة زرع الأعضاء، كما تعاون الأطباء والجراحون والممرضون والباحثون والمتخصصون في الزرع بشكل منسق لضمان نجاح العملية، بدءً من استخراج جزر البنكرياس وحتى زرعها بنجاح في كبد المريضة، في حين يتطلب هذا الإجراء دقة متناهية، ومعرفة عميقة بتقنيات الزرع، وتنسيقًا مثاليًا بين مختلف الفاعلين.

لكن إلى جانب الخبرة الطبية يستند هذا النجاح أيضًا إلى روح التضامن بين مهنيي الصحة والمجتمع عامة. ويجب التأكيد على أهمية التبرع بالأعضاء، إذ لولاه لما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق، فكل فعل تبرع يُعد لفتة إنسانية تنقذ أرواحًا وتمنح مرضى مثل مريضة زرع الجزر فرصة جديدة في الحياة.

تفتح هذه العملية المجال أمام آفاق واعدة لمستقبل علاج السكري من النوع الأول. ومع تقدم الأبحاث في مجال زرع جزر البنكرياس، قد يتمكن عدد أكبر من المرضى من الاستفادة من هذا النهج العلاجي الأقل توغلاً مقارنة بزرع البنكرياس الكامل. ومن خلال تقليل مخاطر المضاعفات وتحسين جودة الحياة، قد تصبح هذه التقنية خيارًا علاجيًا أكثر شيوعًا في المستقبل.

ويعد هذا الإنجاز الطبي بمستشفى تولوز الجامعي مثالًا ساطعًا على تأثير الابتكار العلمي والتكافل الجماعي في تحسين حياة المرضى، ويؤكد قدرة الطب الحديث على تقديم حلول بديلة للأمراض المزمنة، مع التأكيد على أهمية التعاون والتضامن في مكافحة السكري.

الكلمات المفتاحية: مرضى السكري، المستشفى الجامعي، جزر البنكرياس