صحة جيدة لحياة أفضل

صيدال تفرض نفسها في إفريقيا: 220 دواءً جزائريًا قريبًا في متناول الموريتانيين

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
26 مايو 2025

يواصل المجمع الصيدلاني العمومي الجزائري “صيدال” تقدمه نحو هدفه في التوسع عبر القارة الإفريقية، حيث يستعد لتصدير أكثر من 200 دواء إلى موريتانيا، ويطمح لاحقًا إلى تحقيق حضور دائم في ثمانية بلدان أخرى. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز موقع الجزائر في الأسواق الإفريقية الغربية، وترسيخ مكانتها في الصناعة الصيدلانية على المستوى الدولي.

يعتزم مجمع صيدال تصدير 220 دواءً نحو موريتانيا، في إطار اتفاقية موقعة مع شركة ” شنقيط فارما ” المحلية، وذلك خلال فعاليات الطبعة السابعة لمعرض المنتجات الجزائرية في نواكشوط. وجاء هذا التعاون تتويجًا لعام كامل من المشاورات التقنية والتجارية بين الطرفين.

وبحسب مدير قسم التصدير ب”صيدال” الدكتور ”عثمان مداد ” فإن هذه العملية تمثل منعطفًا حاسمًا في استراتيجية التدويل التي ينتهجها المجمع. وتتضمن الاتفاقية توزيع الأدوية على كافة التراب الموريتاني، إلى جانب تسجيلها رسميًا لدى الهيئات الصحية المختصة في البلاد، وهي خطوة أساسية قبل تسويقها.

ولا تقتصر طموحات صيدال على التصدير فحسب، بل تشمل أيضًا إنتاج الأدوية محليًا في موريتانيا بالتعاون مع “شنقيط فارما”. حيث توجد حاليًا وحدة إنتاج في مراحل متقدمة من الإنجاز، وستدخل حيز التشغيل قريبًا بدعم تقني من خبراء جزائريين.

وستنطلق هذه الوحدة بإنتاج أدوية أساسية مثل الأقراص المسكنة والمضادة للالتهابات، على أن تتوسع لاحقًا لتشمل أدوية متخصصة كأدوية السكري، ارتفاع ضغط الدم، والسرطان، وهي أدوية تستجيب لحاجات صحية متزايدة في إفريقيا، حيث تتصاعد نسب الأمراض المزمنة.

يمثل هذا المشروع تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق السيادة الصحية لموريتانيا، من خلال إنتاج الأدوية الأساسية محليًا، مما يقلص من التبعية للاستيراد المكلف والمزمن، ويوفر علاجات ذات جودة وبأسعار معقولة للمواطنين.

أما من الجانب الجزائري فهي فرصة لإبراز الكفاءة الوطنية في الصناعة الصيدلانية، وتصدير أدوية مطابقة للمعايير الدولية، وتعزيز موقع الجزائر كلاعب محوري في مجال الصحة بإفريقيا.

وباعتبارها مدخلًا استراتيجيًا نحو منطقة غرب إفريقيا التي تضم حوالي 300 مليون نسمة، تُعد موريتانيا نقطة انطلاق مثالية لصيدال. خاصة أن “شنقيط فارما” تنشط في دول إفريقية مجاورة، مدعومة أيضًا من “بنك الاتحاد الجزائري” الموجود في نواكشوط، والذي سيتولى تمويل وضمان المعاملات التجارية.

ويُصمم هذا المشروع كأنموذج للتعاون جنوب-جنوب، كما يرتكز على نقل التكنولوجيا بناء القدرات المحلية والتكامل الاقتصادي الإقليمي بهدف إنشاء صناعة صيدلانية إفريقية مستقلة ومستدامة.

تندرج هذه المبادرة في إطار إستراتيجية أوسع لتوسيع نشاط صيدال دوليًا، حيث يعمل المجمع حاليًا على دخول أسواق ثمانية بلدان أخرى من بينها السنغال وتونس، ليبيا واليمن وإثيوبيا. وقد بدأت إجراءات تسجيل الأدوية في هذه الدول مع توقعات بانطلاق عمليات التصدير في المدى المتوسط.

وفي السياق ذاته يوجه صيدال استثماراته نحو تطوير المواد الأولية الدوائية محليًا، كآلية أساسية لتقليص الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق منافسة أكبر في أسواق الشرق الأوسط وأوروبا.

أوضح الدكتور مداد أن اختيار “شنقيط فارما” لم يكن صدفة بل استند إلى معايير دقيقة ، إذ تمتلك الشركة شبكة توزيع واسعة في غرب ووسط إفريقيا، ما يوفر لصيدال قاعدة متينة لتوسعها القاري.

وتندرج هذه الشراكة ضمن رؤية طويلة المدى تقوم على الكفاءة، الموثوقية والتكامل الصناعي بهدف تأسيس قطب صيدلاني إقليمي يُعلي من قيم الابتكار والجودة وسهولة الوصول للعلاج.

هذا ولا يقتصر توسع صيدال نحو الأسواق الإفريقية على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل يعكس أيضًا التزامًا بصحة الشعوب من خلال تسهيل الوصول إلى الأدوية الأساسية، تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية، والمساهمة في الحد من الفوارق في الرعاية الصحية داخل القارة.

وبهذا المشروع تؤكد صيدال عزمها على لعب دور قيادي في إعادة تشكيل المشهد الصيدلاني الإفريقي، مع إبراز الكفاءة الجزائرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون الصحي جنوب-جنوب، يقوم على التضامن والخبرة والتنمية المشتركة.

لا تكتفي صيدال من خلال تواجدها في موريتانيا ببيع الأدوية فقط، بل تبني جسورًا متينة بين الجزائر وإفريقيا، مع طموح أن تصبح فاعلًا لا غنى عنه في سوق الدواء الإفريقي.

الكلمات المفتاحية: صيدال، الجزائر، موريتانيا، صناعة صيدلانية