صحة جيدة لحياة أفضل

تحول في جراحة البنكرياس في الجزائر: ثورة طبية في المركز الاستشفائي الجامعي بوهران 

حرر : الدكتور عيساني م. ط | دكتور في الطب
25 ديسمبر 2024

عاصفة من التقدم تهب على جراحة البنكرياس في الجزائر، وقد بدأت من المركز الاستشفائي الجامعي (CHU) بوهران، وتحت إشراف البروفيسور ”عمر تيليوة ” نجح فريق من الجراحين في تحقيق سابقة تاريخية في مجال سرطانات البنكرياس والمتمثلة في إجراء عملية استئصال البنكرياس والاثني عشري بالمنظار، وهي الجراحة الجريئة والمبتكرة التي أُجريت على مريضة تبلغ من العمر 60 عامًا، والتي تمثل دخول الجزائر إلى صفوف النخبة في تقنيات الجراحة طفيفة التوغل.

وليس المنظار الذي يُعرف أحيانًا بجراحة البطن بالمنظار، مجرد تقدم تقني بل هو رمز لتحول في الطريقة التي يتعامل بها الجراحون مع الأمراض المعقدة، ومن خلال شقوق صغيرة جدًا، تتيح هذه التقنية رؤية واضحة ودقيقة للأعضاء الداخلية باستخدام كاميرا عالية الدقة، مما يقلل من الأضرار التي يتعرض لها المريض، أما بالنسبة لهذه المريضة المصابة بسرطان البنكرياس، كانت الفوائد فورية وملموسة:

  • تقليل كبير للألم بعد العملية مما يساعد في تجنب المضاعفات الناتجة عن فترة نقاهة طويلة.
  • فترة إقامة قصيرة في المستشفى لا تتجاوز أربعة أيام، مقابل عدة أسابيع في حالة الجراحة التقليدية.
  • استئناف سريع للحياة اليومية مع الحفاظ على مراقبة دقيقة.

ويقدم هذا التقدم التكنولوجي أملًا لا يُقدر بثمن للمرضى الجزائريين، ويضع المركز الاستشفائي الجامعي بوهران على خريطة المراكز المتميزة في جراحة السرطان المتقدمة.

هذا التقدم الطبي ليس حدثًا معزولًا، بل هو جزء من توجه عالمي يعيد فيه استخدام التقنيات الجراحية طفيفة التوغل تحديد معايير الرعاية الصحية.

  • في ألمانيا، يدمج البروفيسور “توبياس كيك Tobias Keck ”  في لوبيك  (Lübeck)بين المنظار والروبوتات لتحقيق دقة لا مثيل لها.
  • في فرنسا، يُعد المركز الاستشفائي الجامعي في تولوز مرجعًا في معالجة أورام البنكرياس باستخدام تقنيات الجراحة طفيفة التوغل.
  • في إيطاليا، يتفوق مستشفى ”سان رافاييل” في ميلانو في جراحة البنكرياس من خلال بروتوكولات مبتكرة.

من خلال هذه العملية، لا يقتصر المركز الاستشفائي الجامعي بوهران على تعويض التأخر التكنولوجي، بل يبرز قدرة الفرق الطبية الجزائرية على التنافس مع أفضل الممارسات الدولية.

وراء هذا النجاح، تكمن سمفونية منظمة من قبل محترفين مخلصين، فقد تمكن البروفيسور “عمر تيليوة “من تحفيز فريق متعدد التخصصات، كما كان دور قسم التخدير والإنعاش الذي ترأسته البروفيسورة ”جميلة مازور ”حاسمًا، حيث شهدت الدقة الجراحية جنبًا إلى جنب مع إدارة التخدير المتقنة، تنسيقًا استثنائيًا.

وهذا النجاح ليس سوى بداية، لكن من أجل ضمان استدامة هذا التقدم من الضروري:

  • تدريب المزيد من الجراحين على تقنيات المنظار، من خلال دمج هذه التقنية في البرامج الجامعية وبرامج التخصص.
  • تعزيز البنية التحتية للمستشفيات، من خلال تجهيز غرف العمليات بمعدات متطورة.
  • توعية المهنيين الصحيين، وكذلك الجمهور العام، بفعالية وفوائد التقنيات الجراحية طفيفة التوغل.

وكل تقدم في الطب هو وعد بمستقبل أفضل، أما بالنسبة للمرضى الجزائريين، يمثل هذا التقدم شعاع أمل يعكس رعاية أكثر إنسانية وحديثة، وموجهة بلا هوادة نحو التميز.

ومن خلال هذا الإنجاز في المركز الاستشفائي الجامعي بوهران، تثبت الجزائر قدرتها على دفع حدود الممكن في مجال الطب، ورغم أن العملية الجراحية قد أُجريت في غرفة عمليات، إلا أنها تحمل في طياتها رمزية وطنية: دولة ترفض الركود وتطمح لتقديم رعاية صحية لمواطنيها تتماشى مع المعايير العالمية.

الكلمات المفتاحية: جراحة البنكرياس، المنظار، المركز الاستشفائي الجامعي بوهران، التقدم الطبي، الجراحة طفيفة التوغل، الابتكار الجراحي، التعاون بين التخصصات.