خبراء مجتمعون في الجزائر يدعون إلى تحسين الكشف عن هذا المرض المناعي الذاتي الذي لا يزال غامضًا
خلال يوم دراسي للتكوين الطبي المستمر نُظم بالعاصمة الجزائرية، شدد مختصون في علم المناعة وأمراض الرئة على أهمية التشخيص المبكر للذئبة الحمراء، وهو مرض مزمن مناعي ذاتي. هذا المرض المعقد والذي لا يزال دون علاج في أغلب الحالات، يمكن السيطرة عليه بشكل أفضل إذا تم تشخيصه في مراحله الأولى.
ما هي الذئبة الحمراء؟
الذئبة الحمراء هي مرض التهابي جهازي، أي أنه قد يصيب عدة أعضاء وأنظمة في الجسم في آن واحد. ويصبح الجهاز المناعي الذي من المفترض أن يحمي الجسم، مختلاً في هذه الحالة ويبدأ بمهاجمة أنسجة الجسم ذاته.
ووفقًا للبروفيسور ”رضا جيجيك ” رئيس مصلحة المناعة بمستشفى بني مسوس، فإن الذئبة تتطور على شكل نوبات متكررة تتخللها فترات من الهدوء، مما يجعل التعامل معها صعبًا.
مرض ينقلب فيه الجهاز المناعي ضد الجسم
أعراض متنوعة ومضللة
الجلد، المفاصل، الكلى، القلب أو الدماغ… كل هذه الأعضاء قد تتأثر، وتظهر أعراض المرض بشكل مختلف بين مريض وآخر ومنها:
- طفح جلدي، غالبًا على شكل فراشة على الوجه؛
- آلام أو تورم في المفاصل؛
- إصابات رئوية أو قلبية؛
- اضطرابات عصبية (صداع، تشنجات، ارتباك ذهني)؛
- مشكلات خطيرة في الكلى (التهاب الكلية الذئبي).
وقد تظهر هذه الأعراض بشكل تدريجي أو مفاجئ مما يجعل التشخيص صعبًا، خاصة لدى الأطفال والمراهقين الذين قد تكون لديهم أعراض غير نمطية.
لماذا يجب التشخيص المبكر؟
الكشف السريع يقلل من الأضرار الدائمة، أين يؤكد البروفيسور ” جيجيك ” أن بعض العلاجات كالعلاجات الحيوية المستهدفة، تكون أكثر فاعلية عند استعمالها في المراحل المبكرة. وتساعد هذه العلاجات على تقليل الالتهاب، والسيطرة على النوبات، وتجنب المضاعفات غير القابلة للعلاج (خصوصًا على مستوى الكلى والجهاز العصبي).
وفي حال عدم تلقي العلاج المناسب، يمكن للذئبة أن تؤثر بشكل خطير على جودة الحياة، وقد تشكل خطرًا على حياة المريض.
الذئبة والنساء: هشاشة هرمونية
تسعة من كل عشرة مصابين من النساء الشابات ، حيث تصيب الذئبة النساء أكثر من غيرهن، خصوصًا بين سن 15 و45 عامًا. ويُفسّر هذا الانتشار الكبير بين النساء بـ:
- عوامل هرمونية: يُعتقد أن هرمون الإستروجين يزيد من تفاقم المرض؛
- عوامل وراثية: هناك طفرات جينية أكثر شيوعًا لدى النساء؛
- عوامل بيئية: مثل التعرض للشمس، أو العدوى الفيروسية، أو التوتر النفسي.
ويؤكد الأطباء على ضرورة توعية النساء المعرضات للخطر، خاصةً إذا وُجدت حالات سابقة في العائلة.
تطور أدوات التشخيص
هناك تحاليل أكثر دقة لاكتشاف المرض مبكرًا، أين شهدت تقنيات التشخيص تطورًا واضحًا، ومنها:
- قياس الأجسام المضادة الذاتية (مثل مضادات الحمض النووي ومضادات Sm)؛
- أخذ خزعات من الكلى في حال وجود إصابة؛
- فحوصات تصويرية مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي حسب الأعراض؛
- تحاليل بيولوجية لمتابعة الالتهاب.
وقد ساعد هذا التقدم في ضمان رعاية أكثر دقة وفي وقت أبكر، مما يساهم في تقليل عدد حالات الاستشفاء والمضاعفات الخطيرة.
مقاربة متعددة التخصصات لا غنى عنها
يتطلب التعامل مع الذئبة تعاونًا متعدد التخصصات يشمل أطباء الجلد، الكلى، القلب، والأعصاب، نظراً لتأثير المرض على عدة أجهزة في الجسم.
- أطباء الجلد للتكفل بالحالات الجلدية؛
- أطباء الكلى في حال إصابة الكليتين؛
- أطباء القلب والأعصاب للأعضاء الداخلية؛
- أطباء الروماتيزم للمفاصل.
ويجب أن يكون المتابعة الطبية منتظمة ومتكيفة مع تطور حالة المريض، بهدف تعديل العلاجات، وتقليل الآثار الجانبية، والحفاظ على الوظائف الحيوية.
ذئبة الأطفال: واقع غير معروف
أشكال أكثر حدة وأكثر صعوبة في التشخيص
تطرّق المشاركون أيضًا إلى الذئبة لدى الأطفال، والتي غالبًا ما تكون أكثر شراسة من تلك التي تصيب البالغين. الأطفال يظهرون إصابات مبكرة في الكلى، ويجب أن يُتابَعوا من قبل أطباء أطفال متخصصين في هذا المرض النادر ولكن الخطير.
مخاطر قلبية وعائية مرتفعة: “التهاب مزمن يُنهك القلب والأوعية الدموية”
ترفع الذئبة من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض الشرايين التاجية، وحتى السكتات الدماغية. وتشمل الوقاية تحكمًا أفضل في عوامل الخطر، ومراقبة قلبية منتظمة، ونمط حياة صحي (تغذية متوازنة، نشاط بدني معتدل، الإقلاع عن التدخين…).
تطور في الخبرة الجزائرية: “مستشفى بني مسوس في طليعة البحث السريري”
أصبح مستشفى بني مسوس مرجعًا وطنيًا في التكفل بالتهاب الكلية الذئبي، ويعمل مخبر المناعة لديه بالتعاون مع هياكل وطنية أخرى على تعزيز القدرات في مجال التشخيص والعلاج والتكوين الطبي المستمر.
لقاء علمي بمناسبة اليوم العالمي للذئبة
نُظم هذا الحدث بمبادرة مشتركة بين الأكاديمية الجزائرية لأمراض الحساسية والمناعة السريرية (AAAIC) والجمعية الجزائرية لطب الأمراض التنفسية (SAP) بمناسبة اليوم العالمي للذئبة الموافق لـ10 ماي من كل عام. ويهدف اللقاء إلى توعية الجسم الطبي، وتحسين الكشف، وتعزيز البحث السريري المحلي حول هذا المرض الذي يبقى غالبًا غير مرئي.
الكلمات المفتاحية: الذئبة الحمراء؛ بني مسوس؛ مستشفى جامعي؛ الصحة؛ التهاب الكلية الذئبي.
