بمعدل إصابة واحدة من كل 200 شخص، يُعتبر المرض نادرًا، فمعظم هذه الأمراض وراثية، وتظهر بأعراض غامضة وأسباب غير معروفة، مما يجعل عملية تشخيصها وعلاجها تحديًا كبيرًا للأطباء والمرضى على حد سواء. لذا يتطلب تكاثف الجهود من قبل المجتمع الطبي لتقديم الدعم والعناية اللازمة للمرضى والبحث عن علاجات جديدة وفعالة للتعامل مع هذه التحديات المعقدة.
هناك عدة أنواع للأمراض النادرة تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية، الأمراض النفسية، الأمراض الجلدية، الغدد الصماء، العدوى، أمراض الكروموسومات، أمراض العظام، والجهاز البولي، وغيرها من الأمراض الغير معروفة البعض منها تحمل أسماء مكتشف المرض. معظم هذه الامراض النادرة ليس لها علاج، لأن الكثير منها لا تحتوي على أبحاث ودراسات طبية بحكم أنها نادرة وتتطلب وقت كبير في البحث والدراسة والتجارب.
بعض الحقائق عن الأمراض النادرة
تتسبب هذه الأمراض النادرة كثيرا في مشاكل صحية خطيرة، بظهور بعض الأمراض المزمنة، الإعاقة وحتى الوفاة المبكر.
غالبا تنجم الامراض النادرة عن اضطرابات في الجينات، حيث يقدر نسبة تصل الى 80 بالمائة منها ناجمة عن مشاكل في المادة الوراثية، بينما يمكن أن تكون البقية ناتجة عن عوامل أخرى كالعدوى والفيروسات والعوامل البيئية.
نصف المصابين بهذه الامراض تكون في سن الطفولة، مما يجعلها تؤثر بشكل كبير على حياة الأطفال وأسرهم، 30 بالمائة من المصابين يفارقون الحياة قبل بلوغ سن الخامسة، مما يجعل الحاجة للتوعية والبحث أمرا ضروريا لتحسين التشخيص وعلاج هذه الحالات الصعبة.
الأمراض النادرة في الجزائر
تحدث البروفيسور “عز الدين مكي“، رئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى حسين داي، عن أكثر أنواع الامراض النادرة في الجزائر على غرار مرض اللوكيميا العصاري، الهيموفيليا، التصبغ البشري الشبكي ” متلازمة أطفال القمر”، الامراض العصبية العضلية والامراض الليزوزومية، وقائمة الامراض نادرة طويلة، ومن المعروف أن 80℅ من هذه الأمراض وراثية.
وأوضح مكي خلال دورة تكوينية لفائدة الصحفيين المختصين، التي نظمتها ” روش الجزائر” تزامنا مع اليوم العالمي للأمراض النادرة 28 فيفري من كل عام، أن ˝الجزائر بحاجة الى تطوير خطة وطنية للأمراض النادرة لضمان تقديم رعاية شاملة ومتكاملة لهؤلاء المرضى˝. وقال ˝نحن نسعى دائما للعمل على الوصول للتشخيص في وقت قصير لكن بدون سجل وطني ولا احصائيات وعدم وجود مراكز ولائية يصعب علينا دراسة كل حالات الامراض النادرة ل 58 ولاية، لهذا يجب تكاثف الجهود بين السلطات الصحية وجمعيات المرضى والأطباء لتعزيز البحث والرعاية وتقديم العلاجات المناسبة في وقت مبكر˝.
ودعا رئيس مصلحة طب الأطفال، السلطات الصحية الى ضرورة انشاء مراكز متخصصة لعلاج هذه الامراض النادر، وهذا لتخفيف على المرضى وعائلتهم عبء التنقل، والتقليل من الإجراءات الإدارية أثناء عملية العلاج.
ضمور العضلات الشوكي (SMA)
عرف مكي ضمور العضلات الشوكي على انه مرضعصبي جيني وراثي، واضطراب تتسبب فيها الخلايا العصبية التي تنشأ في الحبل الشوكي وجذع الدماغ في تدهور ويسبب في جعل العضلات ضعيفة.
ترجع الضمور العضلي الشوكي الى طفرة في جين SMN1 تؤثر على انتاج بروتين البقاء على قيد الحياة في العصب الحرك، المسؤول على الحفاظ في العصب الحركي.
• مرض ضمور العضلات الشوكي 25 ℅ يحدث بسبب زواج الأقارب
• 50℅ من الأطفال المولودين من زواج الأقارب لديهم جين حامل
• 25℅ من أطفال زواج الأقارب يتمتعون بصحة جيدة
˝يبلغ معدل الإصابة بضمور العضلات الشوكي في الجزائر حالة واحدة لكل 10.000 ولادة، في حين يبلغ معدل الانتشار 1 الى 2 حالة لكل 100.000شخص˝.
4 أنواع لضمور العضلات الشوكي
شرح البروفيسور مكي خلال تقديمه لمداخلة علمية حول المرض، أن ضمور العضلات الشوكي له أربعة أنواع أساسية:
• النوع الأول ” الشديد”
هذا النوع يصيب 60℅ من الأشخاص المصابين بالضمور العضلي الشوكي، تظهر الاعراض عند الولادة او خلال الأشهر الستة الأولى من حياة الرضيع. ويصبون الرضع بصعوبة في البلع والامتصاص ولا يمكنهم رفع رؤوسهم او الجلوس، ومع استمرار ضعف العضلات يصبح الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي والرئتين. ومعظم الأطفال المصابين بهذا النوع الأول يموتون قبل ميلادهم الثاني.
• النوع الثاني ” المتوسط”
تظهر أعراض النوع الثاني من ضمور العضلي الشوكي عندما يتراوح عمر الطفل بين 6- أشهر الى 18 شهرا، ويأثر هذا النوع على الأطراف السفلية، يمكن للأطفال الجلوس لكن لا يستطيعون المشي.
• النوع الثالث ” معتدل”
قد لا تظهر عند البعض اعراض هذا المرض في هذا النوع إلا بعد مرحلة البلوغ المبكر، غالبا تكون الاعراض كتالي: ضعف خفيف في العضلات وصعوبة في المشي، والتهابات الجهاز التنفسي المتكررة، كما يمكن ان تؤثر كل هذه الاعراض في القدرة على المشي والوقوف.
• النوع الرابع
غالبا ما يظهر عند البالغين، في منتصف الثلاثينات، وتتطور أعراض ضمور العضلات الشوكي في النوع الرابع لضعف العضلات ببطء.
أسباب الإصابة بضمور العضلات الشوكي (SMA)
ان الإصابة بضمور العضلات الشوكي عند الأشخاص الذين يفتقدون الى جزء من جينات SMN1 او يمكن لديهم جين متحور، ينتج جين1 الصحي بروتين. SMNتحتاج الخلايا العصبية الحركية الى هذا البروتين للبقاء على قيد الحياة.
لا ينتج المصابون بالضمور العضلي نخاعي الشوكي ما يكفي من بروتين SMN، لهذا تتقلص الخلايا العصبية الحركية وتموت. وبتالي لا يستطيع الدماغ التحكم في الحركات الارادية وخاصة حركة الراس الذراعين والرقبة والساقين.
عادة ما يؤدي وجود نسخ متعددة من جين SMN2، الى اعراض SMA اقل خطورة لان الجينات الإضافية تعوض بروتين SMN1 المفقود.
ما هي أعراض ضمور العضلات الشوكي (SMA)
هناك اختلاف في أعراضSMA حسب كل نوع، وقد تم ذكرها في المقال أعلاه، ولكن يعاني معظم المصابين بهذا المرض من فقدان تدريجي للتحكم في العضلات والحركة، ويؤثر بشدة على العضلات الأقرب الى الرقبة، والبعض الاخر من المصابين لا يستطيعون المشي والجلوس او الوقوف. كما يفقد الاخرون تدريجيا قدرتهم على القيام بعدة تصرفات.
الاعراض الأخرى …
_ ضعف العضلات والارتعاش
_ تشوهات في العظام
_ صعوبة في التنفس والبلع
_ تغيرات في العمود الفقري
كيف يتم تشخيص ضمور العضلات الشوكي(SMA)
في مرحلة التشخيص يقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي، والحصول على التاريخ الطبي، كما يتم تقديم مجموعة من الفحوصات للمريض لتشخيص ضمور العضلات الشوكي:
✓ فحص الدم
يمكن لاختبار الدم الانزيمي والبروتيني التحقق من وجود الكرياتين، وهو انزيم اذا كان مرتقع فيدل على زيادة تدهور العضلات.
✓ فحص جيني
يحدد هذا الاختبار إذا كان هناك مشكلة في جين الخلايا العصبية SMN1، ويعتبر أكثر فعالية، لأن يكشف عن وجود الطفرة الجينية بنسبة 95℅. يفضل ان يتم هذا الفحص كجزء من الفحوصات الروتينية لحديثي الولادة.
✓ فحص التوصيل العصبي
يعمل هذا الفحص على قياس مخطط كهربائية العضل النشاط الكهربائي للأعصاب والعضلات.
✓ خزعة العضلات
يتم اجراء هذا الاختبار عن طريق اخذ خزعة العضلات لإزالة كمية صغيرة من الأنسجة العضلية وإرسالها الى المختبر لفحصها لمعرفة إذا كانت تظهر الخزعة ضمور او فقدان العضلات.
رعاية مرضى ضمور العضلات الشوكي
أوضح البروفيسور مكي ان رعاية مرضى ضمور العضلات الشوكي يتطلب تكاثف الجهود بين الأطباء المختصين، وإدارة مضاعفات هذا المرض يكون عن طريق تنصيب لجنة طبية تشاورية متعددة التخصصات، لتقديم الدعم الكامل للمرضى وتحسين نوعية حياتهم بـ :
• خبراء التغذية
• العلاج الطبيعي الحركي
• أطباء الرئة ومعالجو الجهاز التنفسي
• معالجو النطق
• جراحي العظام
• أطباء الأعصاب
• أطباء عاميين
• العلاج الوظيفي
• علاج مشاكل التنفس
• الرعاية النفسية للطفل ولأسرته
ضمور العضلات الشوكي (SMA) والمرأة الحامل!
يرى البروفيسور مكي ان المرأة الحامل إذا كانت لديها تاريخ عائلي للإصابة بضمور العضلات الشوكي، فيمكن ان تقوم باختبارات ما قبل الولادة، إذا كان جنينها مصاب بالمرض.
رغم انه يمكن لهذه الاختبارات ان تسبب الإجهاض ولكن تبقى ضرورية لمعرفة نوعية الإصابة، ويتم هذا التشخيص عن طريق بعض الاختبارات وهي:
– فحص كمية صغيرة من السائل داخل البطن للبحث عن ضمور العضلات الشوكي يتم اجراءه بعد الأسبوع 14 من الحمل.
– أخذ عينات من زغابات المشيمة وهنا يقوم طبيب النساء والتوليد بإزالة عينة صغيرة من انسجة المشيمة عبر عنق الرحم او المعدة لفحص العينة، ويتم في وقت مبكر من الأسبوع العاشر من الحمل.
تظهر بعض الأبحاث ان الأطفال الذين يعانون من الضمور العضلي الشوكي يحققون نتائج أفضل من خلال اتباع نهج جماعي في رعايتهم، وبتالي فان الاسرة والأطباء والممرضين المعالجين واخصائي التغذية هم أعضاء مهمين في الفريق.
قام المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية الأمريكية، بالقيام بأبحاث سريرية حول ضمور العضلي الشوكي في مختبرات المعاهد الوطنية للصحة، حيث قام العلماء والباحثين بتطوير أنظمة في الحيوانات والخلايا لدراسة عمليات المرض وتسريع اختبار العلاجات المحتملة، وكانت النتائج كتالي:
• ثُبت ان العلاج الجيني وبعض الادوية يوقف تدمير الخلايا العصبية الحركية ويبطء تطور المرض للأفراد المصابين بالضمور العضلي الشوكي.
هناك عدة إجراءات التي يمكن ان تحد من وجود هذه الامراض النادرة، وهي الأمور الوقائية مثل اجراء فحص ما قبل الزواج، لتفادي بعض الامراض الوراثية الناتجة عن زواج الأقارب، وإجراء فحص فوري للمواليد الجدد.
التكفل بالأمراض النادرة في الجزائر
عام 2022أصدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تعليمات الى وزارة الصحة تقضي بالتكفل المجاني من قبل الدولة ب 373 طفلا مريضا عبر 18 ولاية، وهذا عن طريق توفير كل الادوية والمكملات الغذائية.
وللإشارة فان المعهد الوطني للصحة العمومية قد أطلق من قبل سجل وطني لهذه الامراض وابرام عدة اتفاقيات مع مخابر الى جانب تنصيب مجموعات عمل لتسيير هذه الملفات.
كما تعمل وزارة الصحة على تكوين لجنة متعددة الاختصاصات، وتوفير انشاء مخابر مرجعية، وإطلاق مخطط وطني للتكفل بالأمراض النادرة بعد تدعيم كل هذه الإجراءات بالنصوص القانونية.
عائشة و.ح