صحة جيدة لحياة أفضل

الدروس الخصوصية دعم أم هدم نفسي للطالب؟!

حرر : يعقوبي جنات | أخصائية نفسانية
19 يناير 2023

لاحظنا في السنوات الأخيرة توافدا كبيرا لطلاب البكالوريا على الاستشارات النفسية خلال الفصل الأول من الدراسة وهذا راجع لكثرة الضغوطات التي يتعرض لها الطلاب ومن أهم أسباب هذه الأخيرة، الإعياء والإرهاق والتعب النفسي والسبب فيه هاجس الطالب والمحيطين به المتمثل في الحصول على النقاط الممتازة مهما كلف الأمر دون مراعاة قدرة وطاقة وتحمل الطالب.

ولأن طلاب الباكالوريا مطالبون بالانضباط والحزم والجد في هذه السنة لنيل شهادة الباكالوريا، ففي هذه السنة يجب على الطالب التخلي على كل النشاطات اليومية البسيطة المتعود عليها كالرياضة، تعلم الموسيقى، الجلوس مع العائلة، الخروج مع الأصدقاء، حضور حلقات دينية، حفظ القرآن، حتى أن أوقات الراحة و النوم والأكل اختلت في هذه السنة لأن الطالب ليس لديه الوقت للقيام بها. جل وقته مقسم بين الدروس في المؤسسات التربوية (الثانوية) وبين الدروس الخصوصية.

الطالب يدرس في الثانوية من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء، ليتوجه الى مقاعد الدروس الخصوصية إلى ساعات متأخرة من الليل سواء لإتمام ما طلب منه من واجبات مدرسية أو مراجعة الدروس. أما نهاية الأسبوع فهو مخصص للدروس الخصوصية ومقسم حسب المواد!

 

ماذا أصبحت الدروس الخصوصية جزء لا يتجزأ من حياة الطالب؟

    • رغبة الطالب والمحيطين به في الحصول على أعلى المعدلات التي من خلالها يمكنه الدخول إلى أفضل الجامعات وأحسن الاختصاصات.

    • أصبحت الدروس الخصوصية في أيامنا "موضة" سواء كان الطالب متفوقا أم لا وينظر للطالب الذي لا يزاولها نظرة احتقار ونقص ورسوبه في الشهادة نتيجة حتمية!

    • ضعف مستوى الطالب في بعض المواد.

    • نقص ثقة الأهل في قدرات أبنائهم واعتبار الدرس الخصوصي الحل الوحيد للحصول على نتائج جيدة.

    • ضعف المستوى التعليمي للأهل أو الانشغال بالمسؤوليات اليومية، مما أدى إلى إهمال مساعدة الأبناء في استدراك ضعفهم في بعض المواد .

    • اكتظاظ الأقسام بالطلاب يؤدي إلى صعوبة في التركيز، الفهم، الاستيعاب، المناقشة وطرح الأسئلة داخل القسم.

    • تهاون بعض المعلمين في أداء مهامهم على أكمل وجه والاتكال على أن جل الطلاب يتابعون الدروس الخصوصية ولهذا ما يهم المعلم في القسم هو إتمام البرنامج المقرر عليه.

    • تعود الطالب على أسلوب المساعدة والتلقين في الدراسة فاصبح شخصا اتكاليا، غير قادر على تحمل مسؤولية دراسته لوحده.

من أجل كل هذه الأسباب وغيرها، أصبحت الدروس الخصوصية شيئا لا يمكن الاستغناء عنه والغريب أن هده الأخيرة لا تقتصر على طلاب الاقسام النهائية، بل حتى تلاميذ الابتدائي كالسنة الأولى ابتدائي يلجأ ون إليها.

 

إن الدروس الخصوصية لها جوانب إيجابية وأخرى سلبية

من بين إيجابيات الدروس الخصوصية، تحسين مستوى الطالب الذي يعاني من صعوبات في فهم بعض المواد والعمل على تقوية نقاط ضعفه فيها.

    • تساعد الطلاب الذين يعانون من الخجل والخوف من التكلم أو طرح الأسئلة أمام الزملاء، فالطالب يتجاوز هذا الشعور عندما يكون مع المعلم الخاص.

    • حث الطالب الكسول على حل التمارين خلال الحصص، لأن الطالب يكون وجها لوجه مع المعلم.

أما سلبياتها فنجد منها:

    • قتل روح المبادرة والتفكير والخمول العقلي لدى الطالب واستبدالها بروح الاتكالية واللامسؤولية.

    • كثرة الدورس (في الثانوية والدروس الخصوصية) تجعل الطالب يعاني من ضغوطات نفسية وحمل إضافي يستنزف قواه وطاقته وتجعله منهكا ذهنيا وجسديا.

    • الحمل الثقيل الدي يحمله الوالدان فمن جهة الغلاء المعيشي ومن جهة اخرى المصاريف الهائلة التي تتطلبها الدروس الخصوصية.

ما السلوك الذي يجب اعتماده؟

من خلال كل هذا لا يمكنني القول إن الدروس الخصوصية مفيدة ومهمة للطالب كما لا يمكنني أن أقول إنها غير ذلك ولكن اقول إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، فما فائدة الدروس الخصوصية إذا كان عدد الطلبة في الحصة يفوق عددهم في القسم العادي؟ وما فائدتها إذا كان الطالب يقضي الساعات المتأخرة من الليل وعطلة نهاية الأسبوع التي يتنقل الطالب فيها من درس خصوصي إلى آخر ولا يجد الوقت لا للراحة ولا للترويح عن النفس ولا حتى للجلوس والتحدث مع الأهل.

وعليه لكي نستفيد من الدروس الخصوصية يجب :

    • على الأولياء معرفة النقائص ونقاط الضعف عند الطالب وإخبار المعلم بذلك وهذا لتدارك النقائص عنده وليس إعادة الدرس.

    • كما يجب على المعلم في الثانوية والأولياء حث الطالب على البحث والتفكير العلمي والتحليل وليس السعي وراء النقاط العالية (النقطة لا تعكس قدرات الطالب). لو كان هذا صحيحا لكان أينشتاين من الضعفاء.!

    • إذا كانت الدروس الخصوصية تساعد الطالب على تدارك نقائصه ورفع مستواه العلمي فيجب أن يكون لكل طالب معلم خاص به وليس لكل معلم قسم خاص به فما فائدة الخصوصية إذا كانت الأقسام مكتظة.

    • إعادة إدماج البرامج الاستدراكية في المؤسسات التربوية للطلبة الذين يعانون من صعوبات في فهم المناهج وهذا من جهة سيخفف على الأهل أعباء الدروس الخصوصية ومن جهة أخرى يكون عدد الطلبة قليل وفي أوقات مدروسة تساعد الطالب والمعلم وبالتالي الاستيعاب يكون أحسن والنتائج أفضل.

وفي الأخير أقول رفقا بأطفالكم فما فائدة النقاط الممتازة إذا كانت النفسية منهكة!!!؟؟ لا يمكن للطالب استيعاب الدروس وهو مرهق ومنهك القوى النفسية والجسدية.

ي.ج

رجوع
التالي

مقالات في نفس الموضوع