أعزائي القراء، عليك بأخذ لحظة لتلتقطوا أقرب منتج غذائي بجانبكم مع الفحص بعناية قائمة المكونات على العبوة ، هل تلاحظون اختصارات وأرقاماً غالباً ما تكون معقدة الفهم؟ هذه هي المضافات الغذائية الغامضة الموجودة في هذا المنتج ، وهي المكونات التي تثير تساؤلات حول تأثيرها على صحتنا، مما يفتح النقاش بين صناعة الأغذية والمتخصصين في الصحة.
ما هي المضافات الغذائية؟
المضافات الغذائية هي مواد طبيعية أو صناعية تُضاف عمداً إلى الأطعمة بهدف تحسين الخصائص الحسية (مثل النكهة، والملمس، والمظهر البصري)، أو لتمديد مدة صلاحيتها، أو لتسهيل تحضيرها وتجهيزها، وفي الواقع هذه المضافات موجودة منذ زمن طويل، ففي الماضي، كان أجدادنا يستخدمون الملح والسكر لحفظ طعامهم من موسم الوفرة إلى موسم الندرة، ويستخدمون مستخلصات النباتات لتلوين أطعمتهم والتوابل لإضفاء نكهة ممتعة عليها.
ومع ظهور الصناعة، خضعت أساليب الحياة والعادات الغذائية لتحولات كبيرة، ولتلبية الطلبات المتزايدة للمستهلكين، كان هناك حل واحد فقط وهو “الابتكار” لبيع منتج يكون الأفضل والأكثر جاذبية وبأقل سعر ممكن، مع تحقيق أكبر هامش ربح ممكن ، وهي المعايير والمتطلبات الإنتاجية التي أجبرت الصناعيين في النهاية على اللجوء بشكل كبير إلى المضافات الغذائية التي غالباً ما يتم تصنيعها كيميائياً.
المضافات الغذائية والمخاطر الصحية
من جانبهم يعبر خبراء الصحة عن تحفظات فيما يتعلق بإدخال هذه المواد في نظامنا الغذائي اليومي، فيما تستند حجتهم الرئيسية إلى حقيقة أن بعض هذه المواد ثبت أنها تسبب اضطرابات هرمونية في الحيوانات المختبرية، مما يثير مخاوف خاصة بشأن التأثيرات الضارة المحتملة على الأجنة والرضع والأطفال والمراهقين، بدءًا من فرط النشاط، وقلة التركيز، والحساسية وصولاً إلى السرطانات.
لنعطي مثالًا عن التارترازين (tartrazine )، وهو صبغة صفراء صناعية موجودة في المشروبات، تُعرف تحت الرمز E102، واللون الأحمر الكارمين E124 المستخدم في الآيس كريم والزبادي المنكه والمربى، أين تم تحديدها كمضافات تثير الحساسية والتهاب الأنف لدى البالغين والأطفال على حد سواء ، أما E250 أو نترات الصوديوم، فهو مادة حافظة تُستخدم بشكل واسع في اللحوم المصنعة، خصوصًا النقانق، وقد ثبتت خصائصه المسرطنة.
وتُعد مضافات أخرى، مثل مُحسن النكهة E621 أو جلوتامات الصوديوم (glutamate monosodique ) ، من المواد التي يمكن أن تشجع على الإدمان ، وفي الجرعات العالية يمكن أن تسبب سمية عصبية قد تسهم في تطور أمراض التنكس العصبي مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون.
جدير بالذكر أن العديد من المضافات الغذائية المحظورة في أوروبا والولايات المتحدة بسبب آثارها الضارة لا تزال تُستخدم في الجزائر ، مما يبرز أهمية وجود ثقافة ومعرفة متعمقة حول هذا الموضوع.
متى يظهر الخطر الناتج عن المضافات الغذائية؟
يمكن أن تحدث المخاطر الصحية نتيجة لاستهلاك منتظم وطويل الأمد للمضافات الغذائية، أو عندما تتجاوز الكميات المستهلكة الجرعة اليومية المسموح بها (الجرعة اليومية التي يتحملها الجسم وتعتبر غير سامة)، ومع ذلك من المؤسف أن الجرعة اليومية المسموح بها غالبًا ما تكون غير معروفة للمستهلكين، الذين يعتمدون بشكل متزايد على المنتجات الصناعية في غذائهم اليومي.
ما هي وضعية التنظيم بشأن هذا الموضوع؟
في الجزائر يُسمح باستخدام المضافات الغذائية بموافقة وزارة التجارة بشرط ألا يتجاوز المصنعون الحدود القصوى المسموح بها، علاوة على ذلك تتطلب القوانين الإشارة بوضوح ودقة إلى المضافات المستخدمة على ملصقات المنتجات، وهي اللوائح التي تتيح للمستهلك “التحكم الكامل في اختياراته الغذائية”، ومن هنا تأتي الأهمية القصوى للأخلاقيات المهنية الصارمة من قبل المنتجين لتجنب أي تلاعب أو إساءة، ولزيادة مستوى الوعي في مجال الاستهلاك لدى المستهلكين.
وبهذا، أصبحت وجباتنا ومحتوياتها تحقق فوائد كبيرة لصناعة مزدهرة ولعدد متزايد من الزبائن، لذا يمكن أن يكون للمضافات الغذائية مبرر لوجودها ، لكن يجب علينا نحن المستهلكون المسؤولون الرئيسيون عن صحتنا أن نعرف كيفية إدارة غذائنا، وذلك من خلال قراءة الملصقات بعناية وتجنب كل ما هو خطير، واختيار المنتجات التي تحتوي على أقل عدد من المضافات إن لزم الأمر، وتناول أكبر قدر ممكن من المنتجات “العضوية”، وضمان تحضير طعامنا بأنفسنا قدر الإمكان، فهو أكثر أمانًا وأكثر طبيعية وأكثر لذة.