تعتبر الاضطرابات العضلية الهيكلية بمثابة حالات تؤثر على الأنسجة الناعمة المحيطة بالمفاصل، بما في ذلك العضلات والأوتار والأربطة والأعصاب ومكونات أخرى من الجهاز العضلي الهيكلي.
وتمثل هذه الأمراض في بيئة العمل تحدياً كبيراً لصحة وسلامة العمال، ذلك كونها السبب الرئيسي للأمراض المهنية، وفي هذه المقالة سنستكشف هذا الموضوع الحيوي، مع التركيز على فهم الاضطرابات العضلية الهيكلية، أسبابها، تداعياتها واستراتيجيات الوقاية منها والتحكم فيها .
ماهي الاضطرابات العضلية الهيكلية ؟
تظهر الاضطرابات العضلية الهيكلية عادة من خلال الآلام والتصلب، بالإضافة الى الالتهابات والإصابات التي تؤثر على العضلات الهيكلية .
تنشأ هذه الاضطرابات في كثير من الأحيان نتيجة للجهود المتكررة، أو الحركات الفجائية، أو الوضعيات القاسية ، وتكون المهن التي تنطوي على حركات متكررة أو حمولات ثقيلة أو اهتزازات، أو وضعيات غير مريحة أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات العضلية والهيكلية.
وتتميز الاضطرابات العضلية والهيكلية بالتأثير على العضلات والأوتار والأعصاب، بالإضافة إلى التهاب الفقار وكذا ورم رطب، مما يؤثر على مناطق مختلفة من الجسم ، ويمكن أن يكون كذلك نتيجة للضغوط المهنية التي تتجاوز قدرات الموظف.
أسباب الاضطرابات العضلية والهيكلية: عوامل الخطر والتعرض
إن أسباب الاضطرابات العضلية والهيكلية متعددة العوامل، لذا يمكن تقديم أربعة أنواع رئيسية من هذه المخاطر:
- العوامل البيوميكانيكية :
- تكرار قوي للحركات: استخدام مستمر لنفس الهياكل التشريحية.
- جهود زائدة: حمل أو تنفيذ حركات تتطلب دقة كبيرة.
- عمل يتطلب حركات دقيقة: الحركات التي تتطلب دقة كبيرة تتطلب قوة عضلية متزايدة ومضاعفة.
- وضعيات غير مريحة: مثال: العمل بالذراعين فوق مستوى الكتفين.
- استخدام أدوات مهتزة ( تهتز )
- وضعيات عمل ثابتة
- العمل في البرودة
- الضغط الميكانيكي
- العمل على الشاشة: شاشة مرتفعة جدًا أو منخفضة جدًا بالنسبة للعينين، لوحة مفاتيح مرتفعة جدًا بالنسبة للمرافقين، لوحة مفاتيح ذات أزرار حساسة جدًا، لوحة مفاتيح سميكة غير مجهزة بوسادة للمعصم، استخدام مطول للفأرة، فأرة صغيرة جدًا أو كبيرة جدًا بالنسبة لحجم اليد….
- العوامل النفسية الاجتماعية
- عبئ عمل زائد
- ضغط زمني قوي
- نقص السيطرة والتحكم الذاتي على العمل
- نقص في المشاركة في اتخاذ القرارات بشأن العمل
- نقص الدعم الاجتماعي من الزملاء
- عدم اليقين في المستقبل المهني
بشكل عام، يمكن أن يزيد التوتر النفسي من التوتر الجسدي ومن خطر تطور الاضطرابات العضلية الهيكلية.
- العوامل التنظيمية:
- النقص في فترات الراحة أو التناوب بين المهام .
- مدة العمل زائدة
- عدم وجود فرص للتعاون
- الاعتماد على وتيرة الآلة
- توحيد طرق التشغيل
- مساحة عمل غير مناسبة
- العوامل الفردية:
- العمر: بعض الضغوط قد تؤدي إلى اضطرابات عضلية هيكلية لدى العمال الذين تتجاوز أعمارهم الخمسين عاما، بينما لا يكون لها أي تأثير على العاملين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عامًا.
- الجنس: النساء أكثر تأثرًا نظرًا لتكليفهن بمهام غالبًا ما تتطلب حركات متكررة على مستوى اليدين بإيقاع ووتيرة سريعة ، كما أنهن يقمن بمعظم الأعمال المنزلية، وقد يكون هناك أيضًا دور ملحوظ للهرمونات.
- الحالة الصحية: الحالة الصحية المتدهورة تزيد من احتمالية حدوث اضطرابات عضلية هيكلية .
تأثير الاضطرابات العضلية الهيكلية على الصحة والإنتاجية:
يمكن أن تؤثر الاضطرابات العضلية الهيكلية بشكل كبير على صحة ورفاهية العمال، بالإضافة إلى أداء وإنتاجية الشركات، وقد تؤدي أعراض الاضطرابات العضلية الهيكلية، مثل الآلام المزمنة والقيود الوظيفية وتوقف العمل إلى تقليل جودة الحياة، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية، وانخفاض الإنتاجية في العمل.
بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه الشركات تكاليف طبية مرتفعة، وتعويضات عن الإعاقة، وفقداناً لوقت العمل، وضرراً في السمعة بسبب سوء إدارة الاضطرابات العضلية الهيكلية.
الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية: استراتيجيات وتدابير وقائية
تُمثل الاضطرابات العضلية الهيكلية تحدياً كبيراً لصحة العمل، وللوقاية من هذه الحالات، يتطلب الأمر نهجاً منهجياً ومنظماً، يستند إلى مبادئ أساسية وخطوات رئيسية.
1- الكشف المبكر والتدخل البيئي: تتمثل الخطوة الأولى في الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية في الكشف المبكر عن حالات العمل التي تشكل خطراً، تليها التدخل البيئي، كما أن التشخيص الطبي المبكر يعتبر أمراً هاماً للغاية للعلاج السليم.
2- المبادئ الأساسية للوقاية: يقوم نهج الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية على ثلاثة مبادئ أساسية: نهج شامل يأخذ في الاعتبار جميع عوامل الخطر، ومشاركة جميع فاعلي الشركة، وتبادل المعرفة والمهارات.
3- مرحلة التدخل في أربع خطوات: تتميز عملية الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية بتنظيم مرحلة تدخل في أربع خطوات رئيسية: التعبئة، الاستقصاء، السيطرة والتقييم، وفي كل مرحلة تتوفر أدوات محددة لتوجيه الإجراءات.
- التعبئة وتحفيز المشاركين: يعتبر تحفيز المشاركين، بما في ذلك الإدارة، أمرًا حاسمًا، حيث يتضمن ذلك فهم القضايا وتخصيص الموارد اللازمة مع جذب مختلف الأقسام والأطراف المعنية سواء كان ذلك داخل الشركة وخارجها.
- تحليل واستقصاء المخاطر: يتطلب فهم المخاطر البحث عن البيانات المتعلقة بصحة الموظفين والشركة، حيث يتطلب تحليل حالات العمل وتحديد عوامل الخطر نهجًا منظما بالإضافة الى استخدام مصادر معلومات متعددة.
- السيطرة على المخاطر من خلال الإجراءات البيئية: تعتمد الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية على الإجراءات البيئية التي تهدف إلى تعديل حالات العمل لتقليل الضغوط على الموظفين، كما أن التخطيط وتنفيذ هذه الإجراءات أمر حاسم لفعاليتها.
4- تقليل الضغوط المهنية: يشكل تقليل الضغوط المهنية سواء كانت ذلك بيوميكانية أو نفسية أو تنظيمية محورًا رئيسيًا للوقاية، ويتم ذلك من خلال التصميم المناسب لمعدات العمل والمنتجات وكذا تنظيم العمل .
5- المعلومات والتدريب والتوعية: تعتبر المعلومات والتدريب والتوعية للعمال أدوات أساسية في السيطرة على مخاطر الاضطرابات العضلية الهيكلية، حيث يكون العاملون المستنيرين والمدربون أكثر قدرة على تفادي واكتشاف المخاطر في وقت مبكر.
6- الحفاظ على القدرات الوظيفية: يعتبر الحفاظ على قدرات العمال الوظيفية جانبًا هامًا في الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية، ويشمل ذلك بشكل خاص ممارسة النشاط البدني بانتظام وأداء تمارين التسخين المناسبة.
7- التقييم المستمر والمتابعة: وأخيرًا، يعد التقييم المستمر للتدخل ضروريًا لقياس فعالية الإجراءات المتخذة، حيث يجب تحديد مؤشرات ذات صلة منذ بداية العملية، مما يسمح بالمتابعة على المدى القصير والمتوسط والطويل.
تتطلب الوقاية من الاضطرابات العضلية الهيكلية نهجًا استباقيًا، يشمل جميع فاعلي الشركة ويقوم على تحليل دقيق لحالات العمل، وفقط بتبني نهج منظم ومستمر ، يمكن تقليل المخاطر بشكل فعال وضمان صحة ورفاهية العمال.
د . ك- أحمد