تعد مرحلة الطفولة من بين أهم مراحل العمر تأثيرا في بناء شخصية الإنسان ومن هنا تأتي أهمية العناية بنمو شخصية الطفل ليكون سوياً في سلوكه. علما أن معظم الأولياء يبحثون عن كيفية التعامل مع الطفل بطريقة صحية وسلسلة. لمناقشة هذا الموضوع، استعانت “صحتي حياتي” بالأخصائية النفسانية هالة غلاش، مختصة في علم النفس العيادي، لتحدثنا عن بعض الخطوات التي تساعد الأهل في تنشئة طفل متوازن نفسيا.
الخطوات الأساسية لتربية طفل متوازن نفسيا
يمكن لعدة عوامل أن تؤثر سلبا على الصحة النفسية لطفلك وحتى على معدل تطور مهارته، خاصة إذا تعرض للعديد من الضغوطات في طفولته ويكون غير مستعد لها مسبقا، لهذا نريد أن نقدم بعض التوصيات للأهل التي تساعد الطفل على النضج والتحلي بالمرونة النفسية ونذكرها كتالي:
- تبني الصدق والأمان والثقة بينك وبين طفلك.
- تعليم الطفل الاختيار في اتخاذ القرار بدلا منك.
- شاركه ألعابه واقترح عليه طرقا جديدة في اللعب.
- تشكيل عادات أسرية معه مثل الاجتماع عند العشاء أو مشاهدة فيلم أو تخصيص وقت للحوار مع العائلة.
- حاول أن تستخدم التشجيع بدلا من العقاب.
- حاول أن تؤجل الاستجابة لرغابته ولو لفترة قصيرة في البداية.
- اجعله يشعر بأنه محط اهتمام، هذه النقطة تجعله يشعر أنه شخص ذو قيمة.
كيف أعرف ما إذا كان طفلي يعاني من اضطراب نفسي؟
قد يصعب على الأهل التمييز بين سلوكيات الطفل الطبيعية وغير الطبيعية، فيتعذر عليهم معرفة ما إن كان الطفل مصابا بمرض نفسي أم لا، ففي الحقيقة كل شيء مرتبط بالعوامل النفسية الداخلية التي تختلف من طفل لآخر، فإن كانوا مثقفين ومدركين خطورة الأمراض النفسية سيلجأون مباشرة إلى خبراء ومختصين للتعرف على الأعراض والعلامات التي تدل على إصابة الطفل بمرض نفسي حتى يساعدونه.
نذكر أهم السلوكيات على شكل نقاط:
- التغيرات السلوكية: كثيرا ما تتغير سلوكيات الطفل وصفاته الشخصية بشكل كبير في حال إصابته بمرض نفسي، فمثلا يمكن أن يقوم بالمشاجرات العنيفة. كما يمكن أن تتولد لديه رغبة في إيذاء الآخرين وإلحاق الضرر الجسدي بهم.
- التغيرات المزاجية: يجب على الأهل الانتباه لمشاعر أطفالهم وملاحظة ما إذا كانوا يعانون من الكآبة، خصوصا إذا استمرت هذه الحالة لأسبوعين على الأقل. كما يجب الانتباه إلى التقلبات المزاجية كعدم رغبتهم في الدراسة من وقت لآخر أو شعورهم بالحزن في فترة لعبهم مع زملائهم وغير ذلك.
- المشاعر المختلطة: كأن تكون لدى الطفل مشاعر قوية مثل الخوف الشديد الذي يصاحبه تسارع في ضربات القلب، حزن شديد، قلق وتوتر.
- صعوبة في التركيز: يجد الطفل صعوبة في التركيز والبقاء في مكان واحد، مما يؤثر على سلوكه وأدائه الدراسي.
- فقدان الوزن: قد يفقد الطفل الوزن دون أسباب مبررة، بالإضافة إلى فقدان الشهية وتكرار التقيؤ.
العوامل التي يمكن أن تؤثر سلبا على الصحة النفسية للطفل
يمكن لمجموعة من العوامل “الوراثية، البيولوجية، البيئية والنفسية” أن تساهم في ظهور الاضطراب النفسي عند الأطفال ويمكن أن نذكر بعض المحفزات العامة من بينها:
- مشاكل في المدرسة: قد يتعرض الطفل للتنمر أو ضغوطات ناتجة عن الامتحانات.
- مشاكل أسرية أو الطلاق.
- الشعور بعدم الأمان في المنزل أو في المدرسة.
- تغيرات أو تحديات مثل مرض معين أو إعاقة بدنية.
- عوامل بيولوجية مثل البلوغ والتغيرات الهرمونية.
- التعرض لسوء المعاملة من طرف الأهل.
للأهل دور أساسي ومهم في تكوين شخصية الطفل، أهم نقطة هي علاقة الزوجين ولا شك سوف تنعكس سلبا أو إيجابا على سلوكه ونفسيته، فكلما كانت العلاقة بينهما متينة وقوية يسودها الاحترام والثقة والحب انعكست عليه هدوءا وطمأنينة وكلما كانت هناك منازعات ونقاشات حادة انعكست عليه قلقا وخوفا، فإذا كان الطفل بعيدا أو فاقدا لأحد أبويه فهو أيضا لن يجد إلا رعاية من جهة واحدة غالبا ما يشوبها نوع من الحزن على فقدان أحد الوالدين، ما سينعكس على شخصيته.
معاملة الوالدين للطفل
الدلال الزائد أو الإهمال المفرط والمعاملة المفضلة لأحد الأولاد، تنعكس سلبا على سلوك الطفل والعكس صحيح.
الجو الأخلاقي والعاطفي
الصفات الأخلاقية الطيبة تعكس خلقا جيدا عند الأطفال، فتربية الطفل على الخلق الكريم والراقي المهذب تجعل منه ذا شخصية قوية واثقة فعالة في المستقبل. أما الجانب العاطفي، فإن الحب والرعاية يخلقان في الطفل مساحة واسعة من السعادة، فتتكون لديه مشاعر وأحاسيس ممزوجة بالحب ونلاحظ أن خبرات الطفولة لها أهمية بالغة في تشكيل شخصية الفرد في الرشد.
وفي الأخير، طفلك بحاجة ماسة إليك، حاول أن تعيش تفاصيل حياتك معه واعمل على أن تصغي له في كل الظروف، احضنه بحب عندما يعود من المدرسة واتركه يشعر أنه محبوب في البيت، اتركه يرتكب الأخطاء ليتعلم الدروس «الخطأ لا مفر منه، لكن الأهم كيف تحتوي الطفل عند الخطأ». كوني أما هادئة وواعية وأبا متفهما لأنكما أفضل معالج لطفلكما ولكما تأثير مباشر على نمو دماغه وبناء شخصيته، ويؤثر ذلك على طريقة تفكيره وسلوكه وتفاعله مع الآخرين.
«تعد الصحة النفسية للطفل المنقذ الأول له للخروج من المشاعر السلبية التي يمكن أن يكونها المجتمع تجاهه، كما أنها تعيد له الثقة بذاته وتفتح له آفاقا جديدة حول ما يريد أن يصبح في المستقبل».
عائشة و.ح