يعتبر كل من الاكتئاب واضطرابات المزاج بمثابة مشاكل صحية عقلية معقدة، يمكن أن تكون لها أسباب متعددة، بما في ذلك العوامل الوراثية والبيئية وأيضًا الغذائية، فقد يؤدي نقص بعض الفيتامينات إلى تفاقم هذه الاضطرابات، حيث تلعب هذه العناصر الغذائية الأساسية دورا حيويا في تنظيم المزاج ووظائف الدماغ، لنلقِ معا نظرة أقرب على أهم الفيتامينات والعناصر الغذائية التي قد يؤدي نقصها إلى ظهور أعراض الاكتئاب.
فيتامين د: شمس للمزاج
يُنتَج فيتامين د في الجلد عند التعرض لأشعة الشمس، لكن الكثير من الأشخاص خصوصًا في المناطق ذات التعرض المحدود لأشعة الشمس، قد يعانون من نقصه لا سيما خلال فصل الشتاء، لذا يُعد هذا الفيتامين ضروريًا لإنتاج بعض النواقل العصبية خاصةً السيروتونين، الذي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم المزاج والشعور بالراحة العامة، وقد ارتبط نقص فيتامين د بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، خاصةً لدى الأشخاص الذين لا يتعرضون كثيرًا لأشعة الشمس.
وقد يعاني الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين د من التعب المستمر، وتقلبات المزاج، وحتى الاكتئاب الحاد. لذا من الضروري ضمان الحصول على كمية كافية منه، إما من خلال التعرض المنتظم لأشعة الشمس، أو عبر تناول الأطعمة الغنية به مثل الأسماك الدهنية (السلمون، الماكريل)، والبيض، ومنتجات الألبان المدعمة.
فيتامين B12: حارس الجهاز العصبي
يُعد فيتامين B12 عنصرًا أساسيًا آخر للصحة العقلية، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج المايالين، وهو الغلاف الواقي للألياف العصبية، كما يساهم في إنتاج النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، اللذين يؤثران بشكل كبير على المزاج ومستويات الطاقة. وقد يؤدي نقص فيتامين B12 إلى ظهور أعراض مثل التعب، واضطرابات المزاج، وفي الحالات الشديدة الاكتئاب.
ويعتبر الأشخاص الأكثر عرضة لنقص فيتامين B12 هم كبار السن، والنباتيون، والأشخاص الذين يعانون من مشكلات هضمية مثل الداء البطني أو مرض كرون، نظرًا لأن هذا الفيتامين يتواجد أساسًا في المنتجات الحيوانية. لذا قد يكون من الضروري تناول مكملات B12 للوقاية من هذه الأعراض.
فيتامين B6: العنصر الأساسي في تصنيع النواقل العصبية

يُعد فيتامين B6 ضروريًا لإنتاج العديد من النواقل العصبية، مثل السيروتونين والدوبامين و GABA (حمض الغاما-أمينوبيوتيريك ) ، والتي تلعب دورًا مباشرًا في تحسين المزاج وإدارة التوتر، وقد يؤدي نقص فيتامين B6 إلى ظهور أعراض الاكتئاب، والتهيج، والتوتر العصبي.
وتشمل المصادر الجيدة لفيتامين B6 اللحوم الخالية من الدهون، والأسماك، والخضروات الورقية الخضراء، والحبوب الكاملة، والبقوليات، ويمكن أن يؤثر نقص هذا الفيتامين على التوازن الكيميائي في الدماغ، مما يؤدي إلى اضطرابات في المزاج.
حمض الفوليك (فيتامين B9): أساس توازن النواقل العصبية
يلعب حمض الفوليك المعروف بفيتامين B9، دورًا محوريًا في إنتاج النواقل العصبية التي تؤثر مباشرة على المزاج مثل السيروتونين، وقد يؤدي نقص حمض الفوليك إلى انخفاض إنتاج هذه المواد الكيميائية، مما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والاضطرابات المزاجية الأخرى، وتبرز أهمية هذا الفيتامين بشكل خاص لدى النساء الحوامل، حيث يُعد ضروريًا للنمو السليم لدماغ الجنين.
يتوفر حمض الفوليك في الخضروات الورقية الخضراء، والحمضيات، والبقوليات، والحبوب المدعمة، مما يجعل من الضروري اتباع نظام غذائي متوازن للحفاظ على مستوياته المناسبة في الجسم.
فيتامين C: مضاد أكسدة داعم للمزاج

يُعرف فيتامين C بخصائصه المضادة للأكسدة، ولكنه يلعب أيضًا دورًا مهمًا في إنتاج النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين، وقد يؤدي نقصه إلى أعراض مثل التعب، والقلق، واضطرابات المزاج، مما قد يسهم في تفاقم الاكتئاب.
إلى جانب تأثيره على الجهاز العصبي، يعزز فيتامين C الجهاز المناعي ويحمي خلايا الدماغ من الإجهاد التأكسدي. لذا من الضروري تناول الأطعمة الغنية به، مثل الحمضيات، والفراولة، والكيوي، والفلفل لضمان صحة عقلية جيدة.
فيتامين E: حماية الدماغ من الأضرار التأكسدية
يُعد فيتامين E من أقوى مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الدماغ من الإجهاد التأكسدي، وهو عامل مرتبط بالشيخوخة المبكرة للخلايا وقد يسهم في تطور الاكتئاب واضطرابات معرفية أخرى. ويمكن أن يؤدي نقص فيتامين E إلى ضعف الوظائف الإدراكية وتغيرات في المزاج، خاصة لدى كبار السن.
تشمل المصادر الغنية بفيتامين E الزيوت النباتية (مثل زيت عباد الشمس وزيت جنين القمح)، والمكسرات، والبذور، والخضروات الورقية، والأفوكادو.
الأوميغا-3: عنصر أساسي لصحة الدماغ والمزاج
رغم أن الأوميغا-3 ليست فيتامينات، إلا أنها أحماض دهنية أساسية تلعب دورًا محوريًا في وظائف الدماغ وتنظيم المزاج. فهي تقلل الالتهابات العصبية وتحسن سيولة أغشية الخلايا العصبية، مما يعزز التواصل العصبي ويحافظ على توازن المزاج.
يرتبط نقص الأوميغا-3 باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب، والقلق، والاضطراب ثنائي القطب. لذا يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بهذه الأحماض الدهنية، مثل الأسماك الدهنية (السلمون، الماكريل، السردين)، وبذور الكتان، والجوز، وزيوت السمك.
متى يجب استشارة الطبيب؟

إذا كنت تعاني من أعراض الاكتئاب، أو التعب المزمن، أو التهيج، فمن المهم التحقق من مستويات الفيتامينات والعناصر الغذائية لديك، إذ يمكن أن يكون لنقص الفيتامينات تأثير كبير على صحتك العقلية. وقد يوصي طبيبك بإجراء تحاليل دم لتقييم مستويات الفيتامينات لديك وتحديد ما إذا كنت بحاجة إلى مكملات غذائية أو تغييرات في نظامك الغذائي لتحسين مزاجك وصحتك العقلية.
من خلال الاهتمام بنظامك الغذائي وضمان حصولك على الفيتامينات والعناصر الغذائية الأساسية، يمكنك المساهمة في الوقاية من اضطرابات المزاج والحفاظ على توازن عقلي صحي، لذلك لا تقلل من أهمية التغذية في دعم صحتك النفسية.
الكلمات المفتاحية: الاكتئاب؛ الدماغ؛ الفيتامينات؛ الصحة؛ العقلية؛ المزاج.