صحة جيدة لحياة أفضل

هل الغلوتين هو المسؤول الحقيقي عن الحساسية؟

حرر : صفاء كوثر بوعريسة | صحفية
22 مارس 2025

يُعتبر الغلوتين وهو بروتين موجود بشكل أساسي في القمح وحبوب الجاودار والشعير، السبب المحتمل وراء العديد من الاضطرابات الهضمية على غرار الانتفاخات، آلام في البطن والإرهاق المزمن ، وبالنسبة لكثير من الأشخاص، يُنظر إليه على أنه المسؤول الأول عن هذه الأعراض، لكن هذا الاتهام المفرط للغلوتين قد يخفي في الواقع أسبابًا أخرى غير متوقعة. 

الغلوتين هو مجموعة من البروتينات المتواجدة أساسًا في القمح وحبوب الجاودار والشعير، أين يلعب دورًا أساسيًا في قوام الأطعمة، حيث يمنحها المرونة والطراوة، لا سيما في الخبز والمعكرونة، ومع ذلك أصبح هذا البروتين في قلب العديد من المخاوف الغذائية والطبية. 

يُعدّ الاستغناء التام عن الغلوتين من النظام الغذائي تحديًا حقيقيًا، إذ إنه موجود في معظم الأطعمة، مثل الخبز، الكرواسان، المعكرونة، البسكويت، وحبوب الإفطار، بالإضافة إلى العديد من المنتجات المصنعة، ورغم توسّع سوق المنتجات الخالية من الغلوتين في السنوات الأخيرة مما سهّل الأمر على من يرغبون في تجنبه، إلا أن ذلك لا يزال يشكل عبئًا خاصة عند تناول الطعام خارج المنزل. 

ومع ذلك يزداد عدد الأشخاص الذين يتخذون هذا القرار، ففي الجزائر اختار بعض الأشخاص إزالة الغلوتين من نظامهم الغذائي، مقتنعين بأن ذلك يحسّن صحتهم، لكن هل هذا القرار يستند فعلًا إلى أسس علمية؟ 

لا شك أن الغلوتين مضر لبعض الفئات من الأشخاص، ووفقًا للمتخصصين هناك مرضان محددان مرتبطان به: 

  • السيلياك : وهو عدم تحمل شديد للغلوتين حيث يؤدي تناوله إلى تفاعل مناعي ذاتي يتسبب في تدمير جدار الأمعاء، مما يؤدي إلى أعراض مختلفة، مثل الإسهال المزمن، فقدان الوزن، ونقص العناصر الغذائية، في حين أن الحل الوحيد هو الامتناع التام عن الغلوتين مدى الحياة. 
  • حساسية القمح: وهي استجابة مناعية فورية قد تؤدي إلى الحكة، التورم، أو اضطرابات تنفسية. وعلى عكس داء السيلياك، فإن هذه الحساسية لا تقتصر على الغلوتين فقط، بل تشمل جميع بروتينات القمح.

هناك بعض الأشخاص الذين لا يعانون من داء السيلياك ولا من حساسية القمح، ومع ذلك يشعرون بأعراض هضمية بعد تناول الغلوتين، في حين يُطلق على هذه الحالة اسم حساسية الغلوتين غير السيلياكية (SGNC)، وهذا الاضطراب الذي لا يزال غير محدد علميًا بشكل دقيق، يظل محل جدل ونقاش. 

تشير بعض الدراسات إلى أن الأعراض التي تُنسب عادة إلى الغلوتين قد تكون في الواقع ناجمة عن مركبات أخرى موجودة في الحبوب، ومن أبرزها: 

  • الفودماب : وهي كربوهيدرات قابلة للتخمر توجد في العديد من الأطعمة، بما في ذلك القمح، ويمكن أن تسبب الانتفاخ واضطرابات هضمية. 
  • المبيدات الحشرية والإضافات الغذائية: بعض المنتجات الصناعية تحتوي على مواد قد تسبب تهيج الأمعاء، مما قد يفسر الشعور بعدم الراحة الهضمية. 

قبل اتخاذ قرار الاستغناء التام عن الغلوتين، من الضروري الحصول على تشخيص دقيق، فقد يكون النظام الغذائي الخالي من الغلوتين مفيدًا للأشخاص الذين يحتاجونه فعلًا، لكنه قد يكون غير ضروري بل وحتى ضارًا للآخرين. وفي الواقع غالبًا ما تكون المنتجات الخالية من الغلوتين أقل احتواءً على الألياف والفيتامينات والمعادن، مما قد يؤدي إلى نقص غذائي وعدم توازن في النظام الغذائي. 

إذا كنت تعاني من أعراض بعد تناول الغلوتين، فمن الأفضل استشارة مختص قبل تغيير نظامك الغذائي بشكل جذري. فاتباع نهج شخصي هو الحل الأمثل لفهم الأسباب الحقيقية للمشاكل الهضمية واعتماد الحلول المناسبة دون الانسياق وراء الاتجاهات الغذائية الشائعة. 

مقالات في نفس الموضوع