صحة جيدة لحياة أفضل

متلازمة القولون العصبي والإسهال الوظيفي: استراتيجيات جديدة لتحسين إدارة المرض  

حرر : د. محمد الطاهر عيساني | دكتور في الطب
24 أكتوبر 2024

تُعد متلازمة القولون العصبي السائد (SII-D) والإسهال الوظيفي (DF) من الاضطرابات المعوية الوظيفية المعقدة، والتي تُعرف أيضًا باسم “اضطرابات محور الدماغ والأمعاء”، ورغم شيوع هذه الحالات، إلا أنها ما زالت غير مفهومة جيدًا، وتظل طرق معالجتها موضع نقاش.

وفي ضوء أحدث التوصيات الصادرة عن الجمعيات الأوروبية لأمراض الجهاز الهضمي العصبي وأمراض الجهاز الهضمي، أصبح من الضروري مراجعة الأساليب التشخيصية والعلاجية لتحسين الرعاية المقدمة للمرضى.

يشدد الخبراء على أهمية إجراء تشخيص “إيجابي”، أي استنادًا إلى الأعراض السريرية دون اللجوء إلى مجموعة من الفحوصات الاستبعادية، ووفقًا لمعايير روما الرابعة، يكمن الفرق الرئيسي بين SII-D وDF في تكرار ألم البطن ووجوده كعرض سائد.

ويتميز القولون العصبي السائد بألم متكرر في البطن (يوم واحد على الأقل في الأسبوع خلال الأشهر الثلاثة الماضية) مع تغييرات في البراز، بينما يتميز الإسهال الوظيفي ببراز رخو أو سائل دون ألم سائد، لذلك من الضروري البحث عن علامات إنذار مثل فقدان الوزن غير المقصود، وحركات الأمعاء الليلية، أو النزيف الشرجي، مما يستدعي إجراء فحوصات عاجلة كتنظير القولون.

وفي غياب علامات الإنذار، تكفي الفحوصات المحدودة عادة لاستبعاد الأمراض العضوية، حيث تشمل التوصيات إجراء تعداد دم كامل (NFS) للكشف عن فقر الدم، وقياس البروتين C التفاعلي (CRP)، وكذا إجراء اختبار الكشف عن الداء البطني من خلال قياس الأجسام المضادة للترانسغلوتاميناز (transglutaminase) من نوع IgA، كما يُنصح بقياس الكالبروتكتين (calprotectine ) في البراز لاستبعاد الالتهابات المعوية.

إضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى أهمية الكشف عن متلازمة سوء امتصاص الأحماض الصفراوية (في حوالي 30٪ من حالات SII-D)، أما في حالة عدم وجود اختبار محدد في فرنسا، يُعد العلاج التجريبي باستخدام الكوليستيرامين (colestyramine ) وسيلة للتشخيص.

يركز علاجمتلازمة القولون العصبي السائد (SII-D) والإسهال الوظيفي (DF)على تخفيف الأعراض، أين تُستخدم مضادات التشنج مثل بينافيريوم (pinavérium ) وكبسولات الألفيرين (citrate d’alvérine ) لتقليل تقلصات العضلات وتخفيف الألم البطني في SII-D على الرغم من أن فعاليتها على الإسهال محدودة، ويعتبر اللوبيراميد (lopéramide)  المعروف بإبطاء حركة الأمعاء، علاجًا مفضلًا لتقليل تكرار حركات الأمعاء في كلا الحالتين، لكنه لا يؤثر على الألم.

من جهتها ، أثبتت الأنظمة الغذائية المعدلة، مثل النظام الغذائي منخفض السكريات المخمرة (FODMAPs) فعاليتها خاصة في علاج متلازمة القولون العصبي السائد ، أين تُعتبر هذه السكريات غير الممتصة بشكل جيد في الأمعاء الدقيقة مسؤولة عن العديد من الأعراض المعدية المعوية، كما تتطلب الإدارة الطويلة الأمد إعادة إدخال الأطعمة تدريجيًا بإشراف أخصائي تغذية.

يلعب دور العوامل النفسية الاجتماعية، مثل القلق والاكتئاب، دورًا أساسيًا في إدارة مرضى متلازمة القولون العصبي ، أين يعاني ما يقرب من واحد من كل اثنين من مرضى متلازمة القولون العصبي من سلس البول الشرجي، وهو أحد الأعراض التي لا يتم الإبلاغ عنها ، كما أثبتت العلاجات السلوكية المعرفية والتنويم المغناطيسي فعاليتها بشكل خاص كعلاج مكمل للعلاجات الطبية.

أظهر الريفاكسيمين (rifaximine)  وهو مضاد حيوي غير قابل للامتصاص، نتائج واعدة لدى مرضى متلازمة القولون العصبي السائد رغم أن آثارها طويلة الأمد ما زالت قيد التقييم، من ناحية أخرى يظهر البروبيوتيك (probiotiques)  نتائج متباينة، حيث أظهرت بعض الدراسات الأخيرة تحسنًا في الأعراض باستخدام سلالات بكتيرية محددة، لكن الفعالية تختلف بين المرضى.

وأخيرًا، رغم أن العلاجات المبتكرة مثل مضادات مستقبلات HT3  5-فعالة ضد الإسهال، إلا أنها لا تعمل على تخفيف آلام البطن ، ولذلك يبقى اللوبيراميد  (lopéramide) العلاج المرجعي للتحكم في اضطرابات الحركة، في حين يمكن استخدام الإلوكسادولين (éluxadoline ) ومثبطات الأحماض الصفراوية كالكوليستيرامين (colestyramine) في حالات سوء الامتصاص.

تتطلب إدارة متلازمة القولون العصبي السائد (SII-D) والإسهال الوظيفي (DF)اتباعنهج فردي ومتعدد التخصصات، يشمل العلاجات الدوائية وتعديلات النظام الغذائي مع التدخلات النفسية الاجتماعية.

وعلى الرغم من التقدم المحرز، يجب تحسين الاستراتيجيات العلاجية لتلبية احتياجات كل مريض بشكل أفضل، وتقليل الآثار الجانبية، وتحسين جودة الحياة.

ينبغي استكشاف الروابط الوثيقة بين محور الدماغ والأمعاء والاضطرابات النفسية بشكل أعمق لفهم أفضل لأسباب هذه المتلازمات وتقديم حلول علاجية شاملة.

الكلمات المفتاحية: الأمعاء؛ متلازمة القولون؛ الإسهال الوظيفي؛ العصبي؛ الإسهال؛ الوظيفي؛ الصحة؛ التشخيص

مقالات في نفس الموضوع