إن السعادة مفهوم يسعى كل من الكبار والصغار الوصول إليه، وعندما يتعلق الأمر بالأطفال عليك أن تعلمهم كيف يكونون سعداء، فهل للوالدين دور في ذلك؟ طبعا! فمن الممكن أن نعلم أطفالنا السعادة! و لذلك يقدم كل من المتخصصين وعلماء النفس مجموعة من النصائح في هذا الصدد.
السعادة الحقيقية:
أولا عليك أن تعرفهم على المعنى الحقيقي للسعادة؛ أي أن تجعل طفلك قادرا على التمييز بين السعادة والمتعة، فالأخيرة هي شعور خارجي زائل، أما السعادة فهي نقيض ذلك فهي شعور دائم، كيف أقوم بذلك؟ إليك بعض الأفكار:
- زرع قيمة التعاطف فيهم:
إن الاعتقاد التام بعدم قدرة الطفل على التعاطف أمر مبالغ فيه، حيث أظهرت بعض الدراسات أن هذا الأخير قادر على إظهار التعاطف مع الغير في سن مبكرة، فمثلا إذا وجد الطفل ذو الأربع سنوات أحد أفراد أسرته يبكي سيحاول مواسته من خلال غمره أو تقبيله، هذا إذا لم يشاركه البكاء بدوره، وبالتالي التعاطف هو شعور يجب تنميته لدى الأطفال في جميع مراحله العمرية، وذلك من خلال تشجيعهم على وضع أنفسهم في مكان الآخرين الذين يعيشون في مواقف أقل متعة منهم، وتعليمهم عدم إلحاق الضرر بالآخرين.
إن غرس التعاطف فيهم يعني أيضًا تشجيعهم على مساعدة الآخرين، ليتعلموا مشاركة ما لديهم مع زملائهم في الفصل أو مع الأشخاص الآخرين الذين كانت حياتهم أقل رفاهية منهم، وكل هذا مع جعلهم يفهمون أن سعادتهم تكمن في إهتمامهم بالآخرين.
- شاركهم الملذات الصغيرة:
يُنصح بتعليم طفلك أن السعادة توجد أيضًا في الأشياء الصغيرة، كاللعب معا ألعاب جماعية في عطلة نهاية الأسبوع، وأن تقص عليهم قصة ثم تدعوهم للتفاعل فيها من خلال السرد، بالإضافة إلى حركات أخرى كاحتضانهم صباحا عند الاستيقاظ.
ليكن في علمك أيضا أن الطفل يكون سعيدا عندما يشعر بأن والديه سعديدين، فهل هنالك أفضل من الأوقات التي نقضيها مع آبائنا وهم فرحون؟
- “اغمر”طفلك ببهجة الحياة:
إن السعادة معدية، فطفلك سيكون أكثر سعادة خاصة إذا كنت أنت نموذجه في هذا الأمر، الآباء هم الأبطال الأوائل للطفل، فهم يكبرون معك ويقلدونك في كل ما تقوم به ، فإذا كنت سعيدًا وشعر طفلك بذلك فسيكون كذلك حتما، فأنت الشخص الذي يرسم سعادة طفلك، لذلك إذا كنت تريده أن يكون سعيدًا، فكن سعيدًا أولاً.
- تعزيز ثقته بنفسه:
تبدأ شخصية كل شخص بالتشكل منذ الصغر، لذلك يوصى بتعزيز ثقة الطفل بنفسه بمجرد أن يبدأ في استيعاب الأشياء، يمكنك أن تبدأ بإخباره عن مدى حبك له ومدى سعادتك وحظك به، تذكر دوما أن تشجعه وتثني عليه، لكن تفادى مدحه دون أن يفعل شيء يمدح عليه، بل حاول أن تركز على المواقف التي تستحق التشجيع، وهذا ما يجعل طفلك قادرا على التمييز بين المواقف غير المجدية من تلك المفيدة التي تستحق التشجيع، أخيرا تجنب انتقاده في الأماكن العامة إذ قد يؤدي ذلك لتحطيمه، و كل هذه سلوكيات تجاه الطفل لا يجب أن تنسى فهي مسؤولية كل العائلة الكبيرة وليس الوالدين فحسب.
إجعل طفلك يواجه التحديات:
إن تعليم طفلك مواجهة تحديات الحياة التي تنتظره مهمة بالغة الأهمية، عرفه معنى الحياة حتى يتمكن من مواجهتها، وللقيام بذلك قم باختيار نشاط جديد لطفلك وساعده في القيام به، قم بتصحيح أخطائه وهنئه إذا نجح، مارس معه رياضة التأمل لتعزيز ثقته بنفسه، حيث يمكن أن تمارس هذه الأخيرة ابتداءً من السن الثالثة، ولممارستها العديد من الفوائد كتعزيز الشعور بالرفاهية والمساعدة في التركيز وقبول عواطف الآخرين.
وهكذا، بمرور الوقت، سيتعلم قبول مشاعره من خلال التحكم فيها، إلا أنه عليك ألا تفرض أسلوب التأمل على طفلك إذا كان معاديًا أو مترددًا في القيام بذلك، على الأقل، حاول أن تجعله يقوم بذلك من خلال جلسات قصيرة مدتها 5 دقائق، وإلا فلا تصر إذا رفض ذلك فعلى التأمل أن يكون ممتعا ومسليا للطفل.
فالسعادة، إذن، ليست مجردة، إذ يمكن تعليمها لأطفالنا، ولا يوجد شيء علمي في ذلك -كما رأينا – إذ يمكننا تحقيق ذلك من خلال مشاركته لحظات صغيرة ولكنها مبهجة، لحظات بسيطة ولكنها سحرية ستعيش فيه إلى الأبد، كما يجب عليك أن لا تنسى أهم شيء: السعادة معدية ، فكن سعيد حتى يسعد أطفالك أيضًا .
ص.ب.