صحة جيدة لحياة أفضل

عندما يصبح العمل إدمانًا: فهم “إدمان العمل”

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
11 يونيو 2024

غارقون في ثقافة حيث يُعتبر النجاح فيها مرادفاً للجدّ والاجتهاد في العمل، ويفتخر الكثيرون بتفانيهم المهني، مؤكدين أن العمل هو شغفهم الأساسي، ومع ذلك، وراء هذه الواجهة اللامعة، قد تكمن حقيقة مقلقة والمتمثلة في “إدمان العمل ”

الإدمان على العمل هو حالة يصاب فيها الشخص بالهوس بالعمل لدرجة تؤثر سلبًا على حياته الشخصية وعلاقاته وصحته، ويمكن مقارنة هذا الهوس بالعمل بالإدمان، حيث يشعر الشخص بحاجة مستمرة للعمل، حتى خارج نطاق اللازم أو المعقول.

حدد الأخصائيون في علم النفس ثلاث سمات رئيسية لهذا الإدمان والمتمثلة في :

  • القلق المفرط بشأن العمل: يكون الأشخاص المصابون بإدمان العمل مهتمين بشكل مفرط بعملهم، حتى خارج ساعات العمل، فيما يفكرون باستمرار في مهامهم العملية، مما قد يمنعهم من الاسترخاء أو الاستمتاع بوقت فراغهم.
  • الدافع القوي والغير قابل للسيطرة: يشعر المدمنين على العمل برغبة قوية ولا يمكنهم السيطرة عليها للعمل ، اين يواجهون صعوبة في مقاومة رغبتهم في الاستمرار في أعمالهم حتى عندما لا يكون ذلك ضروريًا، في حين يمكن أن يؤدي هذا الدافع الزائد إلى سلوكيات عمل قهرية.
  • التأثير السلبي على الحياة الشخصية: قد يؤدي إدمان العمل إلى تدهور العلاقات الشخصية، وانخفاض النشاطات الترفيهية، ومشاكل الصحة، كما يمكن للمدمنين على العمل أن يضحوا بالوقت الذي يقضونه مع أسرهم وأصدقائهم للعمل بشكل أكبر، مما يمكن أن يؤدي إلى العزلة الاجتماعية ومشاكل في علاقاتهم ، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر والإرهاق الناتجان عن العمل المفرط إلى تأثيرات ضارة على الصحة الجسدية والعقلية.

باختصار، إدمان العمل هو ظاهرة تتمثل في أن يصبح العمل هوسًا قهريًا يعتري الحياة اليومية، مما يتسبب في ضرر للعلاقات الإنسانية والصحة العامة للفرد.

في ذات السياق ، فإنع من الصعب أن يتم كسر هذا الإدمان خاصة وأن الشخص يشعر بضغط مكثف للعمل لتحقيق معاييره الشخصية العالية، مما يؤدي إلى الاعتراف من جانب المسؤولين وبالتالي تعزيز سلوكه، وفي النهاية، يضيف الخبراء أن الشخص المدمن على العمل يشعر بشعور أقوى بالكفاءة الشخصية في عمله مقارنة بالجوانب الأخرى من حياته.

يتراكم التعب في هذا الوضع اللا محتمل ، ومع مكافحة الشخص العامل يؤدي ذلك إلى انخفاض في الإنتاجية وربما فترات متكررة من الإجازات الطبية، وعلى الرغم من ذلك، يشعر بالذنب والعجز، ويرد بزيادة عبء عمله، فيما تؤدي هذه الدورة المدمرة إلى تدهور في جودة الحياة والصحة، مع رضا مهني وشخصي ضعيف، كما تظهر أيضا التوترات في العلاقات الزوجية والأسرية، مع مشاكل في القلق والنوم والإجهاد، وربما الاكتئاب، مما يمكن أن يؤدي إلى الإنهاك النفسي، في حين يؤثر هذا الهوس بالعمل سلبًا على أداء الشركة، مع إعاقة التواصل الداخلي واتخاذ القرارات.

يشمل إدمان العمل كل من السلوكيات المطولة المتعلقة بالعمل والبعد النفسي القهري، مما يجعل من الصعب الانفصال عن العمل، ولتحديد ما إذا كان الشخص مدمنًا على العمل، من الضروري طرح بعض الأسئلة مثل:

  • “هل أواجه صعوبة في طلب المساعدة، مفضلًا العمل بمفردي؟”
  • “هل أشعر بالانزعاج عندما أحتاج للمساعدة أو عندما تستغرق المهمة وقتًا طويلاً؟”
  • “هل هذا الشعور بالضغط المستمر والسباق ضد الزمن موجود؟”
  • “هل أبقى في العمل بعد مغادرة زملائي؟”
  • “هل أفرض على نفسي مواعيد نهائية إضافية، مما يضعني تحت الضغط؟”

لأولئك الذين أجابوا بنعم على هذه الأسئلة، يقدم الخبراء عدة نصائح:

  • قوموا بفصل قيمكم الشخصية عن العمل عبر تحديد حدود واضحة (مثل الوقت والجدول الزمني).
  • ابحثوا عن أنشطة ترفيهية خارج العمل.
  • لا تترددوا في طلب المساعدة، فإدمان العمل هو إدمان معقد بعدة جوانب (مثل العمل ضمن مجموعة دعم أو الاستشارة لدى معالج مؤهل مثل الطبيب النفسي أو الاخصائي النفسي ) .
  • فكروا في العلاج النفسي، فهذه الخطوة أساسية لمعالجة مشاعر النقص وخوف الفشل والشعور بالعجز الذي يكمن وراء العلاقة المرضية مع العمل.

في الواقع، إذا كان بإمكاننا تصور حياتنا على شكل دائرة، فستكون مقسمة إلى أربعة أقسام متساوية:

  • “نفسي” : يتضمن الأنشطة التي تعزز الراحة والروحانية وتقوي الذات والثقة بالنفس
  • العائلة
  • الأنشطة الترفيهية
  • العمل 

ش.ب

مقالات في نفس الموضوع