صحة جيدة لحياة أفضل

رهاب الحر: كل ما تحتاج معرفته عن الخوف من الحرارة

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
6 أغسطس 2024

تؤثر الحرارة بشكل كبير على الصحة البدنية والعقلية، فدرجات الحرارة المرتفعة تؤدي الى تفاقم القلق ، والعديد من الأشخاص الذين تم استجوابهم خلال أيام الحر الشديد يعبرون عن مشاعرهم بقولهم: «أشعر بأنني قد أصفع الجميع، أنا دائمًا عصبي، جسدي لا يستطيع الشعور بالراحة، أشعر بالإرهاق والقلق»، وهذه الظاهرة تُعرف بما يسميه المتخصصون “رهاب الحر”.

مصطلح “رهاب الحر ” مشتق من الكلمة اليونانية القديمة “ثيرموس” التي تعني “الحرارة”، و”فوبوس” التي تعني “الخوف”، يشير ” رهاب الحر” إلى الخوف غير المبرر من الحرارة، كما أنه نوع من الفوبيا الذي يتميز بالخوف من الحرارة أو من الأشياء الساخنة أو حتى من الطقس الحار، كما يرتبط هذا الرهاب بارتفاع درجات الحرارة، كما أن “رهاب الحر” هو الخوف أو النفور من الحرارة والأماكن الحارة.

مع ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى مستويات مثل 35 درجة مئوية، 37 درجة مئوية، 40 درجة مئوية، أو حتى 46 درجة مئوية، ومع استمرار الحرارة الخانقة، فإن الإفراز المستمر للكورتيزول (هرمون التوتر ) الذي يرهق الجسم والعقل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم، وزيادة في القلق، واشتهاء الطعام بشكل مفرط، وغيرها من الأعراض.

ووفقًا لعلماء النفس، فإن الحرارة لا تعمل إلا على تضخيم الهشاشة الموجودة مسبقًا، مما يكشف عن حالة من الضيق البدني والعقلي، كما يمكن أن تؤدي هذه الزيادة في درجة الحرارة إلى تحفيز حالات القلق والذعر، وحتى السلوكيات العدوانية لدى بعض الأشخاص.

يتجلى “رهاب الحر” أولاً في ميل إلى تجنب المواقف التي تتعرض فيها لدرجات حرارة عالية، فالأشخاص الذين يعانون من هذا الخوف من الحرارة يفضلون البقاء داخل المنازل خلال أوقات الذروة في الحرارة ويتجنبون الأماكن التي تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة، وقد يتجلى أيضًا في القلق البدني والنفسي، وتسارع ضربات القلب والشعور بالضيق مع ضيق في التنفس وفرط التهوية، كما تترافق هذه الأعراض مع تعرق غزير، وفرط التهوية وغثيان، وشعور قوي بكارثة وشيكة أو وجود فخ ما.

يميز “رهاب الحر” عن الفوبيا الأخرى بارتباطه المحتمل باضطرابات الغدة الدرقية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، وبالإضافة إلى الأسباب الطبية، يمكن أن يرجع هذا الرهاب أيضًا إلى:

  • الإجهاد
  • عوامل وراثية
  • تجارب سابقة صادمة

لذلك يُنصح بمراجعة الطبيب في حالة وجود هذا الخوف المستمر من الحرارة والشعور المستمر بالحرارة الجسدية.

قد يكون “رهاب الحر” عرضًا لحالة عضوية، مما يستدعي استشارة طبية إذا كان الشخص يعاني من صعوبة في تحمل الحرارة، اين سيصف الطبيب فحص دم لاستبعاد وجود خلل في الغدة الدرقية، حيث يرتبط “رهاب الحر” غالبًا بفرط نشاط الغدة الدرقية الذي يزيد من حرارة الجسم عن طريق تحفيز استهلاك الأكسجين.

ومن المهم التمييز بين “رهاب الحر” والهبات الساخنة أو الحساسية المفرطة للحرارة، فعلى عكس الهبات الساخنة التي تظهر في سن اليأس والتي تكون دورية ومصحوبة باحمرار وتعرق، فإن “رهاب الحر” هو حالة دائمة حتى في فصل الشتاء، وبعد استبعاد فرط نشاط الغدة الدرقية، يتم عادةً توجيه الشخص إلى معالج نفسي (طبيب نفسي أو أخصائي نفسي) لعلاج اضطراب القلق المرتبط بالخوف من الحرارة.

بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة لتطور رهاب الحر، وخاصة أولئك الذين لديهم تاريخ مع اضطرابات القلق، ومع ذلك لا أحد بمنأى عن تطوير هذا الرهاب في مرحلة ما من حياته، أين تشمل مسببات رهاب الحر الحروق، والشعور بالجفاف والتعرق، مما يجعل التعرض للحرارة غير محتمل، وغالبًا ما يتجنب الأشخاص المتأثرون الأجهزة أو البيئات التي تولد الحرارة، مثل المواقد والنيران، المدافئ والمشاوي، وكذا الأفران .

يعتمد علاج رهاب الحر على السبب الكامن وراءه، ففي حالة فرط نشاط الغدة الدرقية، سيتم توجيه المريض إلى أخصائي الغدد الصماء لتلقي العلاج المناسب، أما في الحالات التي لا يتم فيها تحديد سبب عضوي، تتوفر عدة نهج علاجية، حيث تعتبر العلاجات السلوكية والمعرفية، التي تتضمن تعريضًا تدريجيًا ومراقبًا للحرارة، فعالة بشكل خاص في إدارة هذا الرهاب.

الأستوفوبيا، المشتقة من الكلمة اللاتينية “أستوس” التي تعني الحرارة، هي شكل من أشكال رهاب الحر الذي يتمحور حول الخوف من الحرارة الشديدة في الصيف، في حين تشمل مسببات هذا الرهاب بشكل رئيسي:

  • الشعور غير المريح بالحرارة الخارجية
  • الخوف المتكرر والذي غالبًا ما يتم تضخيمه في وسائل الإعلام، من الآثار الضارة للحرارة على صحة الإنسان والحيوان.

غالبًا ما يتجنب الأشخاص المصابون بالأستوفوبيا الخروج في الطقس الحار ويفضلون البقاء في الداخل مع تشغيل مكيف الهواء، وقد يتجنب البعض حتى العمل أو اللعب في الخارج خلال فترات الحرارة الشديدة، مفضلين الخروج فقط في المساء أو الليل.

وفي الحالات الأكثر حدة، قد يؤدي الرهاب إلى خوف غير منطقي من أن الحرارة الصيفية قد تذيب أشياء مثل السيارات، المباني أو حتى الأرض، رغم أن هذا غير ممكن من الناحية الفيزيائية في معظم الحالات، كما أن هذا الخوف المبالغ فيه من الصيف يتناقض مع النظرة الإيجابية التي يمتلكها الكثيرون تجاه هذا الفصل.

علاوة على ذلك، يخشى المصابون بالأستوفوبيا أيضًا من التقارير المتكررة عن وفيات الأطفال والحيوانات الأليفة الذين يتركون في السيارات الحارة خلال أشهر الصيف.

تشمل أعراض الأستوفوبيا:

  • الارتجاف
  • خفقان القلب
  • ضيق التنفس
  • جفاف الفم
  • التعرق المفرط
  • الأفكار الوسواسية
  • نوبات من الحرارة أو البرودة

يمكن علاج هذا الرهاب بفعالية من خلال نهج مثل العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالكلام، وخلال العلاج من الضروري غالبًا طمأنة الأشخاص المتأثرين بشدة من خلال توضيح أن الحرارة الصيفية ليس لديها القدرة على إذابة معظم الأشياء في الحياة اليومية.

ش.ب

مقالات في نفس الموضوع