صحة جيدة لحياة أفضل

الربو المهني: المهن الأكثر عرضة للإصابة

حرر : د. محمد الطاهر عيساني | دكتور في الطب
6 يوليو 2024

يشير الربو المهني إلى شكل من أشكال الربو الذي يسببه مباشرة عوامل موجودة في بيئة العمل، كما يمكن أن تتطور هذه الحالة لدى الأفراد المعرضين لمسببات الحساسية المختلفة أو المهيجات أو المواد الكيميائية المحددة خلال نشاطهم المهني، وأكثر المهن تعرضًا لهذا الخطر هي غالبًا تلك التي يتعرض فيها العمال بشكل متكرر لمواد قد تكون ضارة للمسالك التنفسية.

تتناول هذه المقالة المهن الأكثر عرضة للربو المهني والأسباب الكامنة وراء هذه الحالة المعيقة.

الربو هو مرض مزمن يؤثر على المسالك التنفسية والأنابيب التي يدخل الهواء منها ويخرج من الرئتين، فالأشخاص المصابون بالربو لديهم مسالك تنفسية حساسة وملتهبة، تستجيب بشكل مفرط لبعض المحفزات، وهذا ما يمكن أن يسبب أعراضًا مثل نوبات متكررة من الصفير عند التنفس، السعال وضيق التنفس، وإحساس بالشد أو الضغط في الصدر.

تتفاوت أعراض الربو من شخص لآخر وقد تتسبب بها عوامل مختلفة، بما في ذلك مسببات الحساسية (مثل حبوب اللقاح، وعث الغبار، والعفن)، وكذا المهيجات (مثل دخان السجائر، والمواد الكيميائية) مع العدوى التنفسية والنشاط البدني المكثف، وحتى المشاعر القوية مثل التوتر.

يمثل الربو المهني واقعًا مقلقًا للعديد من العمال ،وبعض المهن تتأثر بشكل خاص بهذه الحالة التنفسية بسبب التعرض لمسببات الحساسية والمهيجات المختلفة في مكان العمل.

  • الخبازون وصانعو الحلويات: يعتبر الخبازون وصانعو الحلويات في مقدمة الحالات المصابة بالربو المهني، فالطحين سواء كان من القمح أو حبوب الجاودار، هو المسؤول الرئيسي لذلك ، وبالإضافة إلى الطحين يمكن أن تتسبب إنزيمات مثل الألفا-أميلاز (l’alpha-amylase  ) والسليلوز (cellulase )، التي تُستخدم لتحسين خصائص العجين وكذلك الملوثات مثل عث التخزين وخنافس الطحين، والصراصير في حدوث ردود فعل تحسسية شديدة.
  • المهن الصحية: المهنيون في القطاع الصحي، بما في ذلك الممرضين ومساعدي الرعاية الصحية والأطباء يتأثرون غالبًا بالربو المرتبط باستخدام القفازات المطاطية، كما أن التعرض للمواد المطهرة التي تحتوي على الألدهيدات (aldéhydes)  أو الأمونيوم الرباعي (ammoniums quaternaires) هو أيضًا سبب شائع لهذا النوع من الربو.
  • الحلاقون: الحلاقون معرضون بشكل خاص للمحاليل القلوية (persulfates alcalins ) ، التي تُستخدم في منتجات تفتيح الشعر، وقد تكون صبغات الشعر ومنتجات التمويج والحناء أيضًا من المحفزات للربو المهني.
  • الرسامون: الرسامون وخصوصًا عمال الطلاء، معرضون بشدة للإيزوسيانات (isocyanates) الموجودة في طلاء البوليمر ، وهي المواد المسؤولة عن العديد من حالات الربو المهني في هذا القطاع.
  • عمال الخشب: العمال في المهن المتعلقة بالخشب مثل النجارين وصناع الأثاث وقطع الأخشاب، معرضون لدخان الخشب وهو سبب معترف به للربو.
  • عناصر التنظيف: يتعرض عمال النظافة لمجموعة متنوعة من مسببات الحساسية والمهيجات (عث الغبار، والقفازات المطاطية، والمنظفات)، بالإضافة إلى ذلك فإن استخدام منتجات التنظيف على شكل رذاذ يزيد من خطر تهيج الشعب الهوائية، مما يساهم في حالات الربو المهني.
  • عمال الصناعة الكيميائية: في قطاع الصناعة الكيميائية حيث يتعامل العمال مع المواد الكيميائية أو المذيبات يكونون أيضًا معرضين للخطر.
  • العمال الزراعيون: المهن المرتبطة بالزراعة قد تشكل أيضًا خطرًا، خصوصًا بسبب التعرض للمبيدات وغبار الحبوب.
  • عمال البناء: في المهن المتعلقة بمجال البناء، يكون العمال غالبًا على اتصال بغبار الخشب أو الأسمنت أو الجبس ما يعرضهم لخطر الربو .
  • عمال صناعة الأغذية: المهن المتعلقة بمعالجة الطعام والطباعة وصناعة النسيج قد تكون مرتبطة أيضًا بالربو المهني بسبب التعرض لمجموعة متنوعة من مسببات الحساسية أو المهيجات.

هذه القائمة للمهن الأكثر عرضة للربو المهني ليست كاملة، فهناك العديد من المواد الأخرى، مثل الحيوانات المختبرية وغبار الحبوب التي يمكن أن تتسبب في ظهور أعراض الربو، خاصة عندما تكون في شكل مسحوق أو غاز أو أبخرة.

تظل الوقاية وحماية العمال من هذه المخاطر من القضايا الأساسية لصحة العمل، ومن الضروري تنفيذ تدابير مناسبة لتقليل التعرض وتحسين جودة حياتهم.

تستند الوقاية من الربو المهني إلى عدة محاور:

  • تحديد المواد الخطرة: تتيح تقييم دقيق للمواد الموجودة في مكان العمل تحديد مسببات الحساسية والمهيجات المحتملة.
  • تدابير الحماية: استخدام معدات الحماية الشخصية مثل الأقنعة والقفازات المحددة ضروري لتقليل التعرض، كما يجب تنفيذ ممارسات جيدة في التهوية وإدارة المواد الكيميائية.
  • تحسين إجراءات العمل: تعديل إجراءات العمل لتقليل انتشار المواد الخطرة يمكن أن يقلل بشكل كبير من المخاطر.
  • المراقبة الطبية: المراقبة الطبية المنتظمة للعمال المعرضين للخطر تمكن من الكشف المبكر عن الأعراض وتنفيذ إجراءات تصحيحية.
  • التوعية: توعية العمال وأرباب العمل بالمخاطر المحتملة.

باتباع هذه التدابير، يمكن تقليل حدوث الربو المهني وحماية صحة العمال.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الربو بالفعل، فإن المرض لا يمكن شفاؤه تمامًا، لكن يمكن عادةً التحكم فيه بفعالية من خلال العلاج المناسب، أين يشمل ذلك استخدام الأدوية المستنشقة التي تساعد على السيطرة على الالتهاب في المسالك التنفسية وتخفيف الأعراض ، فيما تعد الرعاية المبكرة والمستمرة ضرورية للحد من التفاقم وتحسين جودة حياة المرضى، مما يسمح لهم بالتمتع بحياة طبيعية ونشطة.

علاوة على ذلك، يمكن للأشخاص المصابين بالربو الاستفادة من التعليم حول المرض، بما في ذلك التعرف على المحفزات وإدارتها، واستخدام أجهزة الاستنشاق بشكل صحيح.

د : م . ط . عيساني

مقالات في نفس الموضوع