يفضّل المختصون بدلاً من استخدام مصطلح “شخص سيئ”، الحديث عن سلوكات سامة أو مؤذية. فالشخص لا يكون “سيئًا” بحد ذاته، لكنه قد يتبنّى مواقف تجرح أو تُسيطر أو تتلاعب بالآخرين.” أو تُظهر قلّة احترام وغالبًا لأنّه يحمل في داخله جروحًا عاطفية غير محلولة.
أفعال مؤذية… وجروح عميقة
كما يذكّر المعالجون النفسيون أنه “خلف كل سلوك مؤذٍ توجد في الغالب معاناة قديمة، ألم طفولي، أو جزء من الذات نحاول إخفاءه”. هذا لا يبرّر الأفعال، لكنه يساعد على فهم أنّ السلوكات الإشكالية لها أسباب، وأنه من المهم التعرّف عليها لحماية النفس.
علامات نموذجيّة للسلوك المؤذي
- لا يحترم حدود الآخرين: يتجاهل قواعد الاحترام الأساسية، حتى الواضحة منها: الخصوصية، المساحة الشخصية، الوقت، المشاعر، كما أنه قد يُصرّ، يفرض أو يتجاوز الحدود دون مراجعة نفسه.
- ينتقد أو يستخف باستمرار: كلام سلبي دائم، سخرية، أحكام مستمرة، كما يصبح النقد طريقة لإثبات نفسه، ما يخلق توترًا ويمسّ بثقة الآخرين.
- يُقدّم مصالحه دائمًا على كل شيء: يحتل كل المساحة، يقلّل من احتياجات الآخرين، ويتصرف بمنطق أناني، فغياب المشاركة يخلق خللًا في العلاقة.
- يتبنّى مواقف تمييزية: عنصرية، تمييز جنسي، عدم تسامح أو سخرية من فئات معينة… وهي سلوكات تعكس نقصًا كبيرًا في التعاطف والاحترام.
- يستغلّ هشاشة الآخرين: يستغلّ الهشاشة العاطفية، قلّة الثقة بالنفس أو السذاجة للحصول على مكاسب (اهتمام، سلطة، إعجاب…).
- يُظهر نفسه دائمًا كضحية: يشكو باستمرار، يرفض تحمّل المسؤولية، يلوم الآخرين ويعتبر نفسه مظلومًا… وقد يتحوّل ذلك إلى تلاعب عاطفي.
- يهين أو يتجاهل مشاعر الآخرين: قلّة تعاطف، تعليقات جارحة، سلوك متعجرف… وكلها قد تدمّر احترام الذات لدى الآخرين.
- يملك رؤية فردانية مفرطة: يتصرف وكأنّ راحته وحدها تهمّ، دون اعتبار لرفاه الجماعة، سواء في الأسرة أو الصداقة أو العمل.
التفسير النفسي: لماذا تظهر هذه السلوكات؟
تُظهر المقاربات الحديثة مثل نموذج الأنظمة العائلية الداخلية IFS لريتشارد شوارتز، أن لا أحد يكون “سيئًا” في جوهره، وما نسمّيه “الأجزاء المظلمة” ليست سوى آليات حماية عاطفية تهدف إلى:
- تجنّب ألم قديم
- إخفاء نقص تقدير الذات
- حماية النفس من الخوف من الرفض
- تكرار أنماط الطفولة
- التعويض عن الشعور بالعجز
هذه السلوكات هي استراتيجيات بقاء غير ملائمة، وليست طبيعة شريرة.
في السياق المدرسي أو المهني: كيف تظهر هذه السلوكات؟
قد يقوم الشخص المؤذي بـ:
- عرقلة عمل زميل عمدًا ليبرز نفسه
- نسب نجاحات الآخرين لنفسه
- نشر شائعات
- الامتناع عن التعاون
- وضع شخص ما في موقف صعب للحفاظ على السيطرة
- ممارسة الإهانة أو الضغط اللفظي
هذه السلوكات قد تصل إلى مستوى التحرّش، وهو تصرّف خطير يجب التبليغ عنه.
كيف تحمي نفسك؟ (توصيات الأخصائيين النفسيين)
1. تعلّم قول لا: وضع حدود واضحة لما هو مقبول وما هو غير مقبول.
2. خلق مسافة عندما يكون ذلك ممكنًا: ولو بسيطة، فهي تقلّل تأثير السلوك المؤذي.
3. تطبيق الاتفاقيات الأربعة لتولتك:
- عدم أخذ الأمور بشكل شخصي
- عدم الافتراض
- التواصل بصدق ولطف
- بذل أفضل ما لديك دون جلد الذات
4. التدرّب على تأكيد الذات: يساعد على الثقة بالنفس، وضع الحدود، والتعبير عن الاحتياجات دون عدوانية.
5. طلب الدعم: التحدث مع شخص موثوق، طبيب نفسي، أستاذ أو طبيب عند الشعور بعدم الارتياح.
للتذكير :
لا يوجد شخص سيء ، فقط بعض السلوكات قد تكون كذلك، لذا فإن التعرّف عليها يساعدك على:
- حماية نفسك
- فهم ما يحدث
- عدم جلد الذات
- وضع حدود صحية