تمثل اضطرابات السلوك المرتبطة بالخرف مثل الهياج والعدوانية والتهيج وكذا نقص ضبط النفس، تحديًا كبيرًا للأطباء خاصة عندما تظهر هذه الأعراض في المراحل المبكرة من الاضطرابات العصبية المعرفية، مثل مرض الزهايمر أو الخرف الوعائي.
وتُعرف هذه الأعراض عمومًا باسم “الأعراض النفسية والسلوكية (SPC)”، ولها تأثير كبير ليس فقط على جودة حياة المرضى وأحبائهم، ولكن أيضًا في التدهور المعرفي.
أهمية الرعاية المبكرة والشخصية
تؤكد التوصيات الجديدة الصادرة عن الجمعية الفرنسية للشيخوخة وعلم الشيخوخة (SFGG)، بالتعاون مع اتحاد مركز الذاكرة وكذا الجمعية الفرانكوفونية للطب النفسي للشيخوخة، على أهمية الرعاية المبكرة ومتعددة التخصصات للأعراض السلوكية والنفسية.
وتظهر هذه الأعراض في المراحل الأولى من الخرف، قبل أن يصبح التدهور المعرفي شديدًا، لذلك يمكن أن تؤدي التدخلات المبكرة إلى إبطاء تقدم المرض.
- الأساليب غير الدوائية: تشدد التوصيات على استخدام الأساليب غير الدوائية لإدارة الأعراض النفسية والسلوكية، وتشمل هذه الأساليب التدخلات العلاجية المرتكزة على المريض، مثل النشاط البدني المناسب، والعلاج بالموسيقى والعلاج بالفن، والعلاجات الوظيفية ، كما يعتمد تطبيق هذه التدخلات على تحليل معمق لاحتياجات المريض، مع مراعاة تاريخه الحياتي وتفضيلاته وبيئته.
- نهج متعدد التخصصات: يعتبر النهج متعدد التخصصات ضروريًا لتحقيق أعلى فعالية في العلاج، ويتطلب ذلك تعاون الأطباء وعلماء النفس والمعالجين الطبيعيين، والمساعدين من أجل الحصول على أفضل رعاية.
النهج “DICE” : أداة لتخصيص الرعاية
يعتمد نجاح التدخلات على تقييم دقيق للأعراض من خلال نهج DICE:
- وصف: توصيف السلوك وتحديد السياق مع المساعدين.
- تحقيق: البحث عن الأسباب المحتملة من خلال فحص سريري كامل وتحليل البيئة.
- خلق: وضع خطة رعاية مخصصة مع الفريق الطبي والمساعدين.
- تقييم: متابعة تطور الأعراض وتعديل الخطة بناءً على النتائج.
ويسمح هذا النهج بتوفير رعاية فردية ويضمن أن تكون التدخلات مناسبة لخصوصيات كل مريض، و بناءً على الأعراض (الهياج، الهلوسات، نقص الضبط، إلخ)، يمكن تفضيل تقنيات معينة مثل النشاط البدني المناسب (APA)، الذي أظهر فعاليته في تقليل الهياج وتحسين الحالة المزاجية.
التدابير غير الدوائية: في قلب الرعاية
تركز التوصيات الحالية على التدابير غير الدوائية كخط أول للعلاج، وفيما يلي بعض التدخلات التي أثبتت فعاليتها:
- النشاط البدني المناسب (APA): تظهر الدراسات أن التمرين المنتظم، مثل المشي أو التمارين الخفيفة، لا يحسن فقط المزاج بل يقلل أيضًا من الهياج لدى المرضى، كما تتوفر مرجعيات لوصف هذه الأنشطة على موقع الهيئة العليا للصحة (HAS) لإرشاد الممارسين.
- العلاج بالموسيقى: يمكن استخدام هذه التقنية بشكل نشط أو سلبي، حيث أظهرت المشاركة في الجلسات الموسيقية أو ورشات الغناء سواء كانت جماعية أو فردية، تعطي آثارًا إيجابية على القلق والعدوانية لدى المرضى.
- التثقيف النفسي للمساعدين: تدريب المساعدين على فهم وإدارة الأعراض النفسية والسلوكية ضروري، حيث تمكنهم البرامج التعليمية من اكتساب مهارات في التواصل واستراتيجيات لنزع فتيل السلوكيات العدوانية أو المضطربة.
بالتوازي مع ذلك تعتبر أساليب أخرى مثل العلاج بالفن، والعلاج بمساعدة الحيوانات، واستخدام التقنيات الرقمية ذات أهمية في بعض السياقات، وعلى الرغم من قلة الأدلة العلمية الداعمة لها، حتى في غياب الأدلة العلمية الرسمية، إلا أنه يمكن لهذه الأساليب أن تقدم فوائد اعتمادًا على تفضيلات واحتياجات المرضى.
ما هو دور الأدوية؟
تُعتبر العلاجات الدوائية خيارًا ثانيًا، وذلك بسبب المخاطر المرتبطة بالآثار الجانبية واحتمال ضعف تحمل الأدوية النفسية، خاصة مضادات الذهان، وغالبًا ما يتم وصف هذه الأخيرة لإدارة الهياج أو الهلوسات، لكن لم تثبت أي مادة فعالية قوية في علاج الأعراض النفسية والسلوكية (SPC) حتى الآن، لذلك يجب استخدام الأدوية بحذر وبشكل محدود في حالات محددة وذلك بعد فشل التدخلات غير الدوائية.
تشدد التوصيات على أهمية رعاية مخصصة، حيث تُفضل التدخلات غير الدوائية، مع اهتمام خاص بالمساعدين الذين يكونون غالبًا في الخطوط الأمامية في مواجهة الاضطرابات السلوكية.
تتطلب إدارة الاضطرابات السلوكية المرتبطة بالخرف نهجًا شاملاً ومخصصًا، أين يجب إعطاء الأولوية للتدخلات غير الدوائية كخيار أول، ويجب أن تكون كل خطة رعاية متماشية مع الاحتياجات الخاصة للمريض، بالتعاون مع أفراد عائلته وفريق متعدد التخصصات، أما بالنسبة للأطباء الممارسين، يساعد اتباع آخر التوصيات في تحسين دعم المرضى وعائلاتهم خلال هذه المرحلة الصعبة من المرض العصبي المعرفي.
الكلمات المفتاحية: نفسي؛ سلوكي؛ الخرف؛ الزهايمر؛ دوائي؛ العلاج بالموسيقى