
تلقي تشخيص سرطان الثدي خلال فترة الحياة الإنجابية يثير سؤالًا مقلقًا: «هل سأتمكن من إنجاب طفل بعد الآن؟». على الرغم من أن العمر الوسيط عند التشخيص يبلغ 64 عامًا وهي الفترة التي تكون فيها معظم النساء قد حققن مشروع الأمومة بالفعل إلا أن عدة آلاف من النساء الأصغر سنًا يواجهن هذا السؤال كل عام. لذا فالخبر الجيد هو أن التقدم الطبي يسمح اليوم بالتفكير في الحمل دون زيادة خطر الانتكاس، كما يؤكد العديد من الأخصائيين.
الخصوبة وسرطان الثدي: ما الذي تغيره العلاجات فعليًا
ليست كل العلاجات لها تأثير متساوٍ على الخصوبة، فبعضها لا يؤثر على الإطلاق، بينما يمكن للبعض الآخر تقليل مخزون المبايض أو تعطيل الدورة الشهرية.
الجراحة: لا تأثير على الخصوبة
سواء كانت استئصال الثدي أو استئصال الورم، فإن الأعضاء التناسلية غير متأثرة، لذا يظل الحمل ممكنًا بعد العملية بعد استشارة الفريق الطبي.
العلاج الإشعاعي: خطر شبه معدوم
العلاج الإشعاعي للثدي يكون محليًا ولا يصل إلى المبايض، وبالتالي تُحافظ الخصوبة.
العلاج الكيميائي: العلاج الأكثر إثارة للقلق
يمكن للجزيئات الكيميائية أن تتلف البويضات، وتقلل من مخزون المبايض، وتسبب اضطرابات في الدورة الشهرية أو فشلًا مبكرًا في المبايض، ويعتمد الخطر على:
- العمر (يزداد بعد 35 عامًا)
- نوع العلاج الكيميائي، خصوصًا الذي يحتوي على السيكلوفوسفاميد
- المخزون المبدئي للمبايض
لذلك من المهم مناقشة مسألة الحفاظ على الخصوبة قبل بدء العلاج دون تأجيل.
العلاج الهرموني: دورات مضطربة، خصوبة محفوظة
يمكن للتاموكسيفين المستخدم لدى النساء الصغيرات السن أن يجعل الدورة غير منتظمة، لكنه لا يغير الخصوبة بشكل دائم. ومع ذلك لا يمكن الحمل أثناء هذا العلاج ويجب التوقف عنه في الوقت المناسب لأنه يسبب تشوهات للجنين.
الحمل أثناء السرطان: غير مستحب بشدة
رغم أن الحالة نادرة لكن العلاجات قد تكون سامة للجنين، والحمل يتداخل مع العلاج السرطاني، كما تعد الاستشارة المتخصصة ضرورية لتحديد خطوات الحفاظ على الخصوبة إذا رغبت المريضة في إنجاب طفل بعد العلاج.
الحفاظ على الخصوبة قبل العلاج: تحدٍ أساسي
وفقًا للقانون وخطة السرطان تستفيد جميع النساء في سن الإنجاب من استشارة مخصصة للحفاظ على الخصوبة منذ التشخيص.
لماذا هذا الحفاظ ضروري؟
- قد تقلل العلاجات من مخزون المبايض بشكل دائم
- بعض النساء الحاملات لطفرة BRCA1/BRCA2 تكون خصوبتهن ضعيفة بالفعل
- مع تأخر سن الحمل، كثير من النساء لم يُنجبن أطفالًا عند التشخيص
ما هي التقنيات المتاحة؟
تختلف الخيارات حسب العمر والوضع وحاجة العلاج العاجلة:
- تجميد البويضات (الأكثر شيوعًا)
- تجميد الأجنة
- حفظ أنسجة المبايض بالتجميد (أقل استخدامًا لدى حاملي طفرة BRCA)
- النضوج في المختبر (MIV)
- منظمات GnRH لوضع المبايض في حالة “راحة” أثناء العلاج الكيميائي
كما يمكن تنظيم الاستشارة خلال أيام قليلة، لأن السرطان لا يترك وقت انتظار.
ماذا إذا لم يعد الحمل الطبيعي ممكنًا؟
هناك بدائل للوصول إلى الأمومة:
- التبرع بالبويضات إذا تضررت المبايض بشدة
- التبني لتجنب أي مخاطر طبية متعلقة بالحمل
متى يمكن التفكير في الحمل بعد سرطان الثدي؟
يوصي الأخصائيون عادة بالانتظار من سنتين إلى ثلاث سنوات، وهي فترة الذروة لخطورة الانتكاس، كما يجب إجراء تقييم شامل على غرار فحص سريري، تصوير، فحص القلب في حالة العلاجات السامة للقلب، وإيقاف التاموكسيفين عند الحاجة، كما يمكن أن يكون الحمل بعدها طبيعيًا أو بمساعدة طبية.
الحمل بعد السرطان: هل هناك مخاطر؟
للأم: لا زيادة في خطر الانتكاس
البيانات مطمئنة جدًا حتى في حالة السرطان المعتمد على الهرمونات أو طفرة BRCA. بعض الدراسات تشير حتى إلى تحسن التوقعات لدى النساء اللاتي حملن بعد السرطان، لكن هذا قد يرتبط بالصحة العامة للنساء.
للطفل: لا توجد مخاطر محددة
لم يُلاحظ أي شذوذ خاص لدى الأطفال المولودين بعد إصابة الأم بالسرطان، كما تكون متابعة الحمل طبيعية، مع إرسال المشيمة للفحص احترازيًا عند الولادة، في حين يمكن الإرضاع من الثدي غير المعالج.
دعم نفسي ضروري
قد يكون الطريق نحو الأمومة بعد السرطان مصدر قلق، لذلك يوفر الدعم النفسي ومجموعات النقاش، ومرافقة فريق متعدد التخصصات، تهدئة المخاوف، وتوضيح الإمكانيات، وضمان أمان مشروع الأمومة.
بفضل التقدم الطبي، يمكن لغالبية النساء الشابات أن يصبحن أمهات بعد سرطان الثدي. مع الحفاظ المبكر على الخصوبة، وتخطيط دقيق، ومتابعة مناسبة، أصبح مشروع الحمل اليوم ممكنًا وآمنًا جدًا في أغلب الحالات.
الكلمات المفتاحية: الثدي؛ السرطان؛ الحمل؛ الأم؛ الخصوبة؛ المرأة