
كل عام تتمكّن آلاف النساء من الانتصار في معركتهن ضدّ سرطان الثدي. لكنّ نحو مريضة من كلّ 05 خضعن لاستئصال العقد اللمفاوية في منطقة الإبط، تجد انتصارها مهدّداً بامتحان جديد: الوذمة اللمفية.
مضاعفة شائعة ومرهقة ما زالت مجهولة
هذه المضاعفة المزمنة التي لا تزال مجهولة إلى حدّ كبير لدى العموم، تظهر على شكل تورّم في أحد الأطراف (غالباً الذراع) نتيجة تضرّر الجهاز اللمفي، أين تصبح البشرة أكثر سماكة، ويزداد حجم الطرف المصاب ويصعب التخلّص من الانتفاخ.
ويرتكز العلاج أساساً على وسائل الضغط الطبي التي تساعد على استقرار الوذمة أو تقليلها جزئياً، لكنّها لا تشفيها نهائياً.
عبء طبي ونفسي واجتماعي
تشكل الوذمة اللمفية ما يشبه العقوبة الثلاثية للمريضات:
- أوّلاً: المرض الأصلي، سرطان الثدي، بما يحمله من علاجات مرهقة.
- ثانياً: ظهور الوذمة اللمفية بما تسبّبه من ألم وإعاقة.
- ثالثاً: العبء المالي، إذ تضطرّ المريضة لتحمّل جزء من تكلفة علاج طويل الأمد.
ولا تقتصر العواقب على الجانب الطبي؛ فالتورّم الواضح في الطرف المصاب يسبّب إعاقة وظيفية، وصعوبة في ممارسة النشاطات اليومية، وأثراً نفسياً كبيراً مثل فقدان الثقة بالنفس والعزلة الاجتماعية ونظرات الآخرين المرهقة. كما يؤدّي في كثير من الحالات إلى تأخّر التشخيص المناسب وبالتالي تأخّر العلاج.
مرض ما يزال مهمشاً في السياسات الصحية
الوذمة اللمفية هي نتيجة مباشرة لعلاجات السرطان، ويجب الاعتراف بها على هذا الأساس. ومع ذلك ورغم عبئها الصحي والاجتماعي لم تُدرج بعد رسمياً كأحد الآثار الجانبية الأساسية لعلاجات السرطان، ما يستدعي تعديل التشريعات الخاصة بتحسين الرعاية بعد الشفاء من السرطان لتشمل هذه المضاعفة.
تحدٍّ صحي مُستهان به
لا يقتصر الأمر على سرطان الثدي، إذ يمكن للوذمة اللمفية أن تصيب الأطراف السفلية أيضاً، خاصة بعد علاجات بعض سرطانات النساء. ويؤدي غياب الاعتراف الرسمي بالمرض إلى ضعف تنظيم مسارات الرعاية الملائمة، رغم أنّ آلاف النساء يعانين منه كل عام.
كما من شأن مسار علاجي منسّق يضمّ الأطباء المختصّين بالأورام، وأخصائيي العلاج الطبيعي، وخبراء الجهاز اللمفي، والدعم النفسي أن يقلّل المضاعفات ويحسّن نوعية الحياة ويخفّض التكاليف على المدى الطويل.
توصيات طبية واجتماعية
- الكشف المبكر: يجب أن يُؤخذ تورّم أي ذراع أو ساق بعد علاج السرطان على محمل الجد ويُوجّه إلى أخصائي في أمراض الجهاز اللمفي.
- علاج مستمر: يشمل الضمادات، أكمام أو جوارب الضغط، العلاج الطبيعي المتخصّص (التصريف اليدوي للجهاز اللمفي)، والنشاط البدني المناسب.
- رعاية شاملة: تتضمّن الدعم النفسي، المرافقة الاجتماعية، والاعتراف الرسمي بالمرض من قبل أنظمة الضمان الصحي.
- توعية عامة وطبية: عبر تدريب الكوادر الصحية وتثقيف المريضات منذ بداية مسار علاج السرطان.
لا ننسى المنسيات في أكتوبر الوردي
في الوقت الذي يسلّط فيه أكتوبر الوردي الضوء على الوقاية والكشف المبكر عن سرطان الثدي، من الضروري ألا ننسى النساء اللواتي ما زلن يعانين من هذه المضاعفة القابلة للتجنّب والتي غالباً ما تُهمل.
كما أن الاعتراف بالوذمة اللمفية يعني الذهاب أبعد من مجرد الانتصار على السرطان، ويمنح المريضات جودة حياة حقيقية بعد المرض. وهو أيضاً تحدٍّ صحي عام للمجتمع، يتطلّب إدماج علاج المضاعفات ضمن صميم مكافحة السرطان.
الكلمات المفتاحية: الصحة؛ السرطان؛ المرأة؛ الوذمة اللمفية؛ المرض؛ المضاعفات