صحة جيدة لحياة أفضل

آلام كبار السن في الجزائر: معاناة صامتة ومخفية

حرر : د. عيساني م. ط | دكتور في الطب
15 ديسمبر 2024

تعتبر آلام كبار السن في الجزائر واقعًا غالبًا ما يتم تجاهله أو التقليل من أهميته، فالعديد من كبارنا في السن بصمت وكرامة، يتحملون معاناة جسدية ونفسية، تُعتبر أحيانًا نتيجة لا مفر منها من الشيخوخة، ومع ذلك فإن الألم لدى كبار السن يستحق اهتمامًا خاصًا، لما له من تأثير كبير على جودة حياتهم، واستقلالهم، وصحتهم العامة.

ومع تقدم السن تتطور آليات إدراك الألم، إذ تؤدي إزالة الميالين من الألياف العصبية إلى انخفاض عتبة مقاومة الألم، مما يجعل التعرف عليه أكثر صعوبة، ولدى كبار السن قد يظهر الألم بشكل غير نمطي مثل أعراض غامضة غالبًا ما يتم الخلط بينها وبين حالات أخرى مما يعقد التشخيص، كما تزيد الاضطرابات العصبية المعرفية مثل الخرف من هذه الصعوبات، والتي لا يمكن فيها للمرضى دائمًا التعبير بوضوح عن انزعاجهم.

ويمثل تقديم الرعاية للألم لدى كبار السن تحديًا حقيقيًا، فكبار السن الذين غالبًا ما يتناولون أدوية متعددة ويعانون من أمراض مصاحبة، لديهم قدرة منخفضة على تحمل الأدوية المسكنة التقليدية ومقاومة للعلاجات القياسية، علاوة على ذلك فإن الأدوية المسكنة الأفيونية رغم ضرورتها أحيانًا، إلا أنها لا تُستخدم بما فيه الكفاية بسبب المخاوف المرتبطة بآثارها الجانبية أو ارتباطها الثقافي بنهاية الحياة.

وتتفاقم هذه الوضعية بسبب نقص التدريب المتخصص للعاملين في مجال الرعاية، وعدم كفاية أدوات التقييم المناسبة لهذه الفئة العمرية، والتحاملات المستمرة التي تعتبر آلام كبار السن ظاهرة طبيعية من الشيخوخة.

ويجب أن تكون معالجة الألم لدى كبار السن فردية وشاملة، مع دمج نهج متعدد التخصصات، وفيما يلي الخطوات الرئيسية الموصى بها:

  1. تقييم الألم بشكل فعال: استخدام مقاييس ملائمة، مثل المقياس اللفظي البسيط (EVS) للمرضى القادرين على التواصل، أو الأدوات السلوكية مثل ” ALGOPLUS ” للمرضى الذين يعانون من اضطرابات معرفية عصبية.
  2. تفضيل الأساليب غير الدوائية :  العلاج الطبيعي والتدليك وكذلك التأمل يمكن أن يكون مفيدا للغاية، خصوصًا لتقليل الاعتماد على الأدوية.
  3. اختيار العلاجات الدوائية بحذر :
  4. المسكنات غير الأفيونية (الباراسيتامول): كعلاج أولي مع الانتباه إلى الجرعات. 
  5. المسكنات الأفيونية الضعيفة (الكودين، الترامادول): في حالة الألم المعتدل إلى الشديد، مع احترام الاحتياطات اللازمة وتحت المراقبة. 
  6. المسكنات المساعدة (مضادات الاكتئاب، مضادات التشنجات): مفيدة في الآلام العصبية.
  7. الوصفات الطبية بحذر :  يجب أن تأخذ الوصفات الطبية في الاعتبار الحالة العامة للمريض، والتفاعلات الدوائية المحتملة، ووظيفة الكلى التي غالبًا ما تكون متأثرة عند كبار السن.
  8. المراقبة المنتظمة:  التقييم المستمر لفعالية وتحمل العلاجات أمر بالغ الأهمية لتعديل الجرعات والوقاية من الآثار الجانبية.

وأخيرًا من الضروري توعية العائلات والعاملين في الرعاية بأهمية التعرف على الألم ومعالجته لدى كبار السن، أين يعد تجاوز المحرمات الثقافية والمؤسسية خطوة أساسية لضمان لكبارنا نهاية حياة في كرامة ودون معاناة غير ضرورية.

هذا النص الموجه لكبارنا، هو دعوة لرعاية أكثر إنسانية وتناسبًا مع واقعهم، وبعيدًا عن الصور النمطية، يذكرنا بأن المجتمع يُقاس من خلال الطريقة التي يعامل بها أفراده مع الأكثر ضعفًا.

الكلمات المفتاحية: الجزائر، التقييم، المسكنات الأفيونية، تعدد الأدوية، الأمراض المصاحبة، الرعاية ، جودة الحياة، الإدراك العصبي، المراقبة.

مقالات في نفس الموضوع