صحة جيدة لحياة أفضل

أهمية الاستراحة أثناء العمل

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
22 أكتوبر 2024

يمكن أن تتيح الاستراحة أثناء العمل للموظفين بضع دقائق لتصفية الذهن واستعادة الطاقة، فقد لا يشعر بعض الأشخاص بالحاجة إليها، ولكن من المهم أن نعلم أن هذه الاستراحة تُحسّن الإنتاجية وتوفر العديد من الفوائد.

وبالنسبة لبعض أصحاب العمل، قد تُعتبر استراحة الموظفين عدم كفاءة وإضاعة للوقت، ومع ذلك يوصي العلماء بأخذ استراحات صغيرة بانتظام .

نُشرت دراسة في المجلة الإلكترونية “PLOS One” بعنوان “أعطني استراحة” توصي بضرورة أخذ استراحات منتظمة وذات مدة معقولة لتحسين الأداء والتحفيز والرفاهية في العمل، أين أجريت الدراسة من قبل فريق من قسم علم النفس في جامعة تيميشوارا (Timisoara) في رومانيا.

أجرى باحثون من جامعة تيميشوارا (Timisoara) تحليلاً شاملاً للأبحاث التي تمت على مدى الثلاثين عامًا الماضية حول تأثير الاستراحة في بيئة العمل، حيث قاموا بمراجعة 43 دراسة علمية تناولت العلاقة بين الاستراحة ومدتها وتأثيرها على مختلف جوانب الرفاهية والأداء للأفراد.

الأسئلة الرئيسية التي تناولتها هذه الدراسات لتحديد أهداف البحث تضمنت:

  • التحفيز: هل تساعد الاستراحة على الشعور بمزيد من التحفيز؟
  • الرفاهية والإرهاق العقلي: هل تسهم الاستراحة في تقليل الإرهاق العقلي وتحسين الرفاهية العامة؟
  • الآلام الجسدية: هل تقلل الاستراحة من الآلام العضلية التي غالبًا ما ترتبط بالعمل المطول؟
  • الأداء: ما هو تأثير الاستراحة على الأداء المهني، وهل تحسنه أم تضعفه؟

قام الباحثون بتحليل المنهجيات المستخدمة في هذه الدراسات، وأنواع المجموعات (مثل الطلاب والموظفين)، وطبيعة المهام التي تم تنفيذها، وقد شملت البيانات مجموعة من 2400 شخص على مدار الثلاثين عامًا الماضية، مما أتاح تحليلًا متنوعًا وتمثيليًا لتأثير الاستراحة على الرفاهية والإنتاجية.

تسلط الدراسة الضوء على وجود علاقة واضحة بين مدة الاستراحة وتحسين عدة عوامل، مثل التحفيز والأداء.

أظهرت النتائج أن حتى الاستراحة القصيرة جدًا التي تستمر لبضع ثوانٍ، توفر زيادة طفيفة في التحفيز والرفاهية، مع تقليل طفيف في الإرهاق العقلي. ومع ذلك من حيث الأداء، لم يُلاحظ أي تحسن كبير مع هذه الاستراحة القصيرة.

عندما تمتد مدة الاستراحة إلى حوالي 10 دقائق، تكون الفوائد أكثر وضوحًا، فلا يزيد التحفيز فحسب، بل يتحسن الأداء بشكل كبير أيضًا، مما يشير إلى أن الاستراحة الأطول ضرورية للاستعادة البدنية والعقلية الحقيقية.

استخدمت بعض الدراسات أيضًا ماسحات الدماغ لمراقبة نشاط الفص الجبهي المتعلق بدائرة المكافأة، حيث أكدت هذه النتائج الملاحظات التي تقول بأن الاستراحة الأطول تحفز هذه المنطقة من الدماغ، مما يعزز التحفيز والأداء بعد استئناف العمل.

  • وسيلة فعالة لمحاربة الإجهاد.
  • تعمل على تحسين إنتاجيتك.
  • تعزز جودة العمل.
  • تحد من الإرهاق.
  • تمنحك فرصة لتصفية الذهن أو أخذ قسط من الراحة.
  • تمكنك من التحرك لتعزيز الدورة الدموية، تمديد العضلات، وتزويد الدماغ بالأكسجين.

من الضروري أخذ استراحات منتظمة لأن الدماغ البشري لا يمكنه التركيز بشكل كامل إلا لمدة تتراوح بين 45 و90 دقيقة حسب الأفراد، وبعد هذه الفترة يتعب العقل، مما يؤدي إلى انخفاض الانتباه والتركيز، وتراجع جودة اتخاذ القرارات، ونقص في التحكم العاطفي.

وكما يوضح الطبيب النفسي إدوارد هالوويل (Edward Hallowell ) في كتابه “الدوائر المثقلة: لماذا يعاني الأذكياء من ضعف الأداء”، فإن العبء المعرفي الزائد هو سبب رئيسي في تراجع الأداء، وللتغلب عليه يكفي أخذ استراحة لمدة 5 دقائق كل ساعة أثناء العمل المكثف، أو 15 دقيقة كل ساعتين في بيئة عمل أكثر هدوء، للسماح للدماغ بالتجدد واستعادة فعاليته.

لا تحتاج الاستراحة إلى أن تكون طويلة لتكون فعالة، فوفقًا لدراسات وكالة ناسا، فإن استراحة لمدة 20 دقيقة تزيد الإنتاجية بنسبة 35% والتركيز بنسبة 50%.

ولكي تكون هذه الاستراحة مريحة فعلياً، من الضروري عدم استخدامها في مهام مشابهة للعمل، فعلى سبيل المثال إذا كنت تعمل أمام شاشة، فإن قضاء الاستراحة في تصفح هاتفك الذكي على إنستغرام لن يكون له تأثير كبير.

وعلى العكس، من الأفضل اختيار أنشطة تساهم في “انتعاش” عقلي مثل استنشاق الهواء، التأمل، تناول القهوة أو ممارسة الرياضة، أو حتى غفوة قصيرة لمدة 10 إلى 20 دقيقة في المكتب من شأنها أن تكون مفيدة أيضًا، حيث تساعد الدماغ على استعادة قدراته، وفي بعض البلدان، هذه الممارسة تعد ثقافية على غرار الصين التي يعتبر النوم أثناء النهار فيها حق دستوري منذ عام 1949، بينما في اليابان غالبًا ما تشجع القيلولة في العمل، وأحياناً تكون إلزامية.

بين المواعيد النهائية وضيق الوقت، غالبًا ما يتم تجاهل الاستراحة في بيئة العمل تحت ضغط الالتزامات، ومع ذلك فإن إدارة الوقت الجيدة يمكن تعلمها وتساعد على التكيف مع كيفية عمل الدماغ، وإحدى الطرق التي اكتسبت شعبية منذ أواخر الثمانينيات هي تقنية “بومودورو” (Pomodoro ) التي طورها الأكاديمي الإيطالي فرانشيسكو سيريلو.

وتتضمن هذه التقنية التناوب بين فترات العمل المكثف لمدة 25 دقيقة واستراحة قصيرة لمدة 5 إلى 10 دقائق، والهدف من ذلك هو الحفاظ على التركيز بنسبة 100% على مهمة واحدة خلال تلك الـ 25 دقيقة كما يوضح جان كريستوف فيليت.

ورغم أن هذه الطريقة تتطلب انضباطًا لتحديد أهداف كل مرحلة من مراحل العمل، فإنها تتناسب تمامًا مع عصر الإدارة القائمة على الأهداف، فهذه الطريقة تركز أكثر على النتائج بدلاً من الوقت الذي يقضيه الموظف في المكتب، مما يساعد على تحسين الإنتاجية دون التضحية بالرفاهية.

  • تناول القهوة/الشاي، حلوى صغيرة أو فاكهة: يمكن أن تتيح لك بضع دقائق للاستمتاع بمشروب ساخن أو وجبة خفيفة ليس فقط لترطيب جسمك واستعادة طاقتك، بل أيضًا لتوفير لحظة من الهدوء، كما يمكن للقهوة أن تحفز تركيزك، بينما تعطيك الفاكهة دفعة من الطاقة بفضل الفيتامينات.
  • التحدث مع زملائك: التفاعلات الاجتماعية وسيلة ممتازة للتخفيف من الضغط، فالتحدث مع زملائك يمكن أن يعزز الروابط ويخلق بيئة عمل أكثر متعة، ويحسن التواصل داخل الفريق، كما أنه أيضًا فرصة للتحدث في مواضيع غير متعلقة بالعمل.
  • المشي لمدة 5 دقائق: تحريك الجسم أمر ضروري لمكافحة الجلوس الطويل، فحتى المشي القصير داخل المكتب يساعد على تحسين الدورة الدموية وتمديد العضلات وتجديد الذهن، كما أن هذا يساعدك على العودة إلى العمل بذهن أكثر صفاءً.
  • تصفح الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي: استكشاف مواقع تهمك أو تصفح وسائل التواصل الاجتماعي يساعد على الابتعاد قليلاً عن العمل، ومن المهم القيام بذلك باعتدال حتى لا تنغمس فيه، كما أن استخدام هذه الاستراحة للتثقيف والضحك أو الترفيه القصير يمكن أن يكون مفيدًا للمزاج.
  • قراءة مقال: قراءة مقال سواء كان متعلقًا بالعمل أو مجرد استمتاع، وسيلة جيدة لتغذية عقلك، حيث تتيح لك القراءة اكتشاف أفكار جديدة، والتعرف على مواضيع متنوعة، وتوسيع آفاقك، وقد تكون أيضًا وسيلة جيدة لتغيير الأجواء قبل العودة إلى العمل.
  • ممارسة نشاط ترفيهي مع زملائك: تخصيص وقت للعب مع زملائك مثل لعبة كرة الطاولة أو الرمي بالسهام يمكن أن يكون مسليًا ويقلل من التوتر ويعزز روح الفريق، إذ يتيح لك هذا خلق استراحة حيوية وتشجيع بيئة عمل مريحة.
  • عدم القيام بأي شيء (إراحة عقلك): السماح لنفسك بعدم القيام بأي شيء لبضع دقائق قد يبدو غير منتج، لكنه في الواقع مفيد للغاية، فهذا يسمح لعقلك بالراحة، واستيعاب المعلومات واستعادة الطاقة، كما أن هذه اللحظة من الهدوء ستساعدك على العودة بتركيز وفعالية أكبر.

كل واحدة من هذه الأنشطة، عندما تدمج بشكل صحيح في روتين عملك، تتيح لك التعافي جسديًا وذهنيًا، مما يسهم في تحقيق توازن أفضل بين الرفاهية والأداء.

الكلمات المفتاحية: استراحة؛ عمل؛ راحة؛ معرفي؛ موظف؛ وقت؛ صحة.

مقالات في نفس الموضوع