صحة جيدة لحياة أفضل

الرعاية الذاتية: مفتاح لتحسين الصحة العالمية

حرر : Dr. Mohamed Tahar Aissani | Docteur en medecine
27 أغسطس 2024

في عالم لا يزال فيه الحصول على الرعاية الصحية يشكل تحديًا كبيرًا لجزء كبير من سكان العالم، تبرز الرعاية الذاتية كحل واعد لتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض.

وهذا المفهوم، الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية (WHO)، يركز على قدرة الأفراد والأسر والمجتمعات على إدارة رفاهيتهم بأنفسهم، سواء كان ذلك بمساعدة مباشرة من مقدمي الرعاية أو دونها.

وتقوم الرعاية أو العناية الذاتية على نهج مبتكر ، حيث يصبح الأفراد هم الفاعلين الرئيسيين في رعاية صحتهم، وتشمل هذه الرعاية جوانب متعددة، بدءً من تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، مرورًا بالعلاج الذاتي ورعاية الأشخاص المعتمدين، وصولاً إلى إعادة التأهيل، بما في ذلك الرعاية التلطيفية، مما يمكن الأفراد من إدارة صحتهم بشكل مستقل.

من جهتها تعتمد تدخلات الرعاية الذاتية – التي تستند إلى أدلة قوية – على تقديم مجموعة متنوعة من الأدوات للأفراد مثل الأدوية والنصائح وكذا الفحوصات التشخيصية والتقنيات الرقمية، كما يمكن استخدام هذه الأدوات بشكل مستقل أو تحت إشراف المهنيين الصحيين، مما يوفر مرونة في الاستخدام وفقًا للسياقات والاحتياجات المحددة.

ولعل أحد أبرز مزايا الرعاية الذاتية يكمن في قدرتها على تمكين الأفراد والمجتمعات، وذلك من خلال تولي مسؤولية صحتهم، أين يعزز الأفراد قدرتهم على اتخاذ القرارات ومسؤوليتهم تجاه رفاهيتهم، كما يساهم هذا النهج أيضًا في كفاءة الأنظمة الصحية الوطنية، من خلال تحسين استخدام الموارد المتاحة.

علاوة على ذلك، تعزز الرعاية الذاتية الابتكار في قطاع الصحة، لا سيما من خلال ازدهار تقنيات الصحة الرقمية والمحمولة، أين تسهل هذه الابتكارات الوصول إلى الرعاية، خصوصًا في المناطق التي تعاني من نقص في البنية التحتية الصحية، ومن خلال تحسين الوصول إلى الأدوية والتدخلات، تلعب هذه الابتكارات دورًا حاسمًا في تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وهو هدف رئيسي لمنظمة الصحة العالمية.

وحاليًا لا يتمكن 3.6 مليار شخص – أي نصف سكان العالم – من الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، لذا تظهر الرعاية الذاتية كاستجابة استراتيجية لسد هذه الفجوة، وبالتالي توصي منظمة الصحة العالمية الحكومات في جميع البلدان بدمج هذه التدخلات في سياسات الصحة العامة، مع تكييفها مع السياقات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بكل بلد، كما يمكن للأمم من خلال تشجيع الرعاية الذاتية، ليس فقط تعزيز التغطية الصحية الشاملة، بل أيضًا تعزيز الصحة العالمية وضمان الأمن الصحي وحماية الفئات الهشة ، لذا يمكن اعتبارها خطوة جريئة تتطلب تعاونًا وثيقًا بين الحكومات والمجتمعات والقطاع الخاص، لبناء مستقبل يتمتع فيه كل فرد في أي مكان في العالم، بالحق الأساسي في الصحة، خاصة وأن الرعاية الذاتية تمثل ثورة في الطريقة التي نتخيل بها ونمارس بها الرعاية الصحية، ومن خلال تمكين الأفراد والابتكار في أساليب الرعاية، تقدم العناية الذاتية استجابة ملائمة للتحديات المعاصرة في الصحة العالمية.

وفي عالم يزداد وعيًا، قد تكون الرعاية الذاتية المفتاح لتحقيق التغطية الصحية الشاملة الحقيقية، حيث لا يُترك أحد خلف الركب.

الكلمات المفتاحية: الصحة، منظمة الصحة العالمية، الرعاية، العناية، الذاتية، الطبية، المرض، العالمية، الصحية.