تعد زيادة الوزن والسمنة من بين أهم المخاطر التي تهدد صحة الأطفال على المدى الطويل، لعدة أسباب أهمها تناول الطعام بكميات كبيرة خاصة السكريات والحلويات، وقلة ممارسة الأنشطة البدنية والجلوس ساعات طويلة أمام الأجهزة الإلكترونية. فالأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن هم الأكثر عرضة للمضايقات من زملائهم ومن حولهم.
وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن ما يقرب من 167 مليون شخص من بالغين وأطفال ستتراجع صحتهم بسبب زيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2025
لذلك على الأهل الانتباه كثيرا لهذه المسألة بعيدا عن أسلوب اللوم والغضب، ومحاولة التحكم بانفعالات الطفل واستهلاكه الكثير للأطعمة الضارة عن طريق تشجيعه على تغيير هذا التصرف والسيطرة على غضبه وردود أفعاله السلبية تجاه رفض التقليل من الأطعمة المضرة والتصرف بطريقة صحيحة وتوجيهه للأحسن.
أسباب، مخاطر وطرق علاج السمنة عند الأطفال
عن أسباب مشكلة السمنة عند الأطفال والمخاطر المترتبة عنها وكيف يتم معالجتها بالطريقة الصحيحة، التقت مجلة ” صحتي حياتي” مع البروفيسور بوفروة فضيلة، مختصة في طب الأطفال والتي قدمت شرحا حول الموضوع.
وتوضح الدكتورة أن السبب الأساسي لزيادة الوزن والسمنة هو اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم وبين التي تدخل إلى الجسم وغنية بالدهون، وغيرها من الأسباب يمكن تلخيصها كما يلي:
- خلل الهرمونات، إذ يمكن لنقص نشاط هرمون الغدة النخامية أو الدرقية أن يكون سببا في السمنة
- التاريخ العائلي أو الوراثة
- عدم الحركة والنشاط والجلوس لمشاهدة التلفاز او ممارسة ألعاب الفيديو أو اللعب على الحاسوب
- العادات الغذائية السيئة مثل تناول الأطعمة المقلية والوجبات السريعة والدهون المشبعة والأملاح التي لا تحتوي أصلا على قيم غذائية
- الاستهلاك المفرط للمشروبات الغازية والعصائر الصناعية
- تناول بعض الأطعمة قبل النوم
وأشارت المختصة إلى أن جائحة كورونا كان لها دور في انتشار مشاكل السمنة عند الأطفال، خاصة وأن التباعد الاجتماعي والجلوس في البيت والدراسة الافتراضية من البيت وقلة النشاط في تلك الفترة التي فرضها تفشي فيروس ” كوفيد19″ أثر بشكل كبير جدا على زيادة وزن الأطفال.
عوامل خطر بدانة الأطفال
ترى البروفيسور بوفرة أن السمنة المفرطة عند الأطفال تسبب مشاكل صحية عديدة، ويشعر الطفل بعدم القدرة على ممارسة الرياضة أو نشاط بدني، خمول والإصابة بآلام المفاصل وضيق التنفس.
وشرحت المختصة أن من يعانون من البدانة هم الأكثر عرضة للإصابة ببعض الأمراض، على غرار السكري، ارتفاع الكوليسترول، أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم واضطرابات في النوم.
كما يمكن – حسب الدكتورة – أن تسبب السمنة الخمول وضعف التركيز وبعض الاضطرابات النفسية ويفقد الطفل ثقته بنفسه إذا تعرض للإساءة.
تؤثر السمنة عند الأطفال على التحصيل الدراسي، إذ كلما زادت بدانة الطفل وكمية الشحوم المتراكمة لديه، عجز عن التنفس الصحيح، فقلت كمية الأكسجين التي تصل إلى الجسم والمخ، مما يسبب الخمول وضعف التركيز.
تسبب سمنة الأطفال المفرطة اضطرابات نفسية وعاطفية، وسلوكية مثل الإصابة بالاكتئاب وفقدان الطفل ثقته بنفسه وتعرضه للإساءة.
كيف يمكننا مساعدة الطفل إذا كان يعاني من السمنة؟
وفيما يتعلق بالعلاج، تقول المختصة إن أهم شيء يمكن للأهل القيام به هو التركيز على صحة الطفل وليس وزنه، ويجب دعم الطفل قي رحلته نحو صحة أفضل، لذلك يجب أن يتجنب الاولياء إلقاء اللوم على الطفل أو على أنفسهم او على الآخرين.
وتابعت حديثها حول طرق الحديث مع الطفل عن وزنه مؤكدة أنها يجب أن تكون بطريقة ذكية، ومن الأفضل أن يسمح له بمشاركة مخاوفه مع الأهل، مع وضع خطط للعمل على تغيير النشاط البدني وعادات الأكل لجميع العائلة وتكون بطريقة تدريجية، وبهذا يمكن للعائلة بأكملها الاستفادة من السلوكيات الصحية الصحيحة ولكي يشعر الطفل بالراحة.
وحسب الدكتورة، فان أسس علاج السمنة عند الأطفال تعتمد على عدة جوانب أبرزها:
النشاط البدني:
وتعتبر من أهم الأهداف التي يجب أن يركز عليها الوالدان لأن لهم تأثير مباشر على السمنة عند الاطفال، ولهذا يجب أن تعود طفلك على أن يمارس ساعة واحدة على الأقل من النشاط البدني المنتظم لرفع مستوى إنتاج الطاقة، مع محاولة التخطيط لبعض الأنشطة على سبيل المثال السباحة، ركوب الدراجات، المشي والقفز.
اتباع نظام غذائي صحي:
تعليم الطفل الأكل الصحي منذ الصغر سيساعده في الحفاظ على نمط حياة صحي عندما يكبر، مع التركيز على عدم وضع الطفل في نظام مقيد وصعب لإنقاص الوزن ومن الأفضل التوجه إلى أخصائي تغذية لتوجيهك حول الأطعمة الصحية وكيف تتم الموازنة بينها بطريقة صحيحة تحمي بها طفلك من السمنة.
وتتمثل طرق البدء في تعليم عادات الأكل الصحية في تقديم مجموعة من الفواكه والخضروات مع كل وجبة، وتجنب قدر الإمكان عدم استهلاك المشروبات الغازية والعصائر الصناعية والحلويات واستبدالها بمنتجات مشبعة بالسعرات الحرارية.
أشرك طفلك في شراء الخضر والفواكه وإعداد الوجبات، وتعرف من خلال هذه الطريقة على الأشياء التي يمكن ان يفضلها طفلك، إذا كان يفضل الأكل الخفيف فحاول أن تعد له بعض الواجبات المغذية والمشبعة، مع تشجيعه على تناول الأطعمة ببطء.
وقدمت البروفيسور بعض الأساليب الأخرى التي يمكن أن يقوم الأهل باتباعها لمساعدة الطفل على إنقاص الوزن:
- عدم تناول الوجبات أمام التلفاز، ومن الأفضل الجلوس في الأماكن المخصصة للأكل مثل المطبخ وغرفة الطعام.
- لا تستخدم الطعام لمكافأة الطفل، كتقديم بعض الحلويات أو الأطعمة المقلية أو أي غذاء غير صحي
- حاول أن تراقب الأكل الذي يحصل عليه طفلك من خارج المنزل ويمكنك تحضير له وجبة متوازنة ومتنوعة، مع تشجيعه على شرب الماء.
- شجع طفلك من خلال الأنشطة التي تقوم بها أو الأطعمة التي تتناولها، كن نموذجا يحتذى به
- شجع طفلك على النوم بشكل منتظم، يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 سنة ( من 9 الى 12 ساعة من النوم). أما المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 سنة ( من 8 الى 10 ساعات) من النوم كل ليلة. قلة النوم يمكن أن تؤدي الى السمنة لأنها تجعل طفلك يرغب في تناول المزيد من الطعام.
- من الضروري اتباع برنامج علاج رسمي مع مختص في المجال سواء أخصائي التغذية أو طبيب للوصول إلى وزن صحي.
- ضع جدولا زمنيا للوجبات المتنوعة وشارك طفلك في تحضيرها
- اقرأ ملصقات التغذية الغذائية واستخدمها وتعلم حساب السعرات الحرارية
- يجب بذل المزيد من الجهد لضمان تحقيق ساعة واحدة على الأقل من النشاط البدني، وكثيرا ما تساعد الأنشطة او الرياضة بعد المدرسة في نتائج جيدة.
وفي النهاية، يمكن أن يؤدي مشكل السمنة إلى مضاعفات عديدة لذلك وجب التعامل مع السمنة كمرض يستلزم المتابعة الطبية، من المهم دعم طفلك بغض النظر عن وزنه، وشجعه دائما على الحركة والنشاط وممارسة الرياضة، ويمكن لمختص التغذية أو الطبيب المتابع أن يقدم لك مساعدة في تحديد ما إذا كان وزن طفلك أمرا يدعو للقلق. وبالتالي يتم وضع خطة لإعادة عائلتك إلى المسار الصحيح مع اتباع برنامج صحي للوقاية من جميع الأمراض.
عائشة و.ح