صحة جيدة لحياة أفضل

تصفح الهاتف أثناء التواجد في الحمام: عادة تزيد من خطر الإصابة بالبواسير

حرر : د. عماد بوعريسة | دكتور في الطب
14 أكتوبر 2025

غزت الشاشات جميع تفاصيل حياتنا اليومية حتى في الحمام، إذ لا يستطيع كثيرون مقاومة رغبتهم في تصفح هواتفهم الذكية. غير أن هذه العادة التي تبدو غير ضارة قد تحمل عواقب غير متوقعة، إذ تشير دراسة حديثة إلى أن استخدام الهاتف أثناء الجلوس على المرحاض يزيد من خطر الإصابة بالبواسير.

البواسير ليست مرضاً بحد ذاتها، بل هي وسائد وعائية صغيرة توجد طبيعياً في فتحة الشرج. وتحدث المشكلة عندما تتمدد أو تلتهب، مما يؤدي إلى نزيف وألم وحكة أو إحساس بالثقل. في هذه الحالة، نتحدث عن مرض البواسير وهو اضطراب حميد لكنه واسع الانتشار، إذ يُصاب به معظم البالغين مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

قام فريق من الباحثين في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي في بوسطن (الولايات المتحدة) بدراسة شملت 125 مريضاً تجاوزوا سن الخامسة والأربعين، خضعوا لتنظير القولون. وقد قيّمت الدراسة، المنشورة في مجلة PLOS One، عاداتهم داخل الحمام: مدة الجلوس على المرحاض، استخدام الهاتف، النظام الغذائي، النشاط البدني، وجهد الدفع أثناء التبرز.

النتائج كانت لافتة:

  • اعترف ثلثا المشاركين بأنهم يستخدمون هواتفهم بانتظام أثناء التواجد في الحمام.
  • 40٪ منهم يمكثون أكثر من خمس دقائق، مقابل 7٪ فقط من غير المستخدمين.
  • أكثر الأنشطة شيوعاً كانت قراءة الأخبار (54٪)، تليها تصفح شبكات التواصل الاجتماعي (44٪).
  • وقد تبين أن هذه العادة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالبواسير بنسبة 46٪.

ورغم أن الدراسة تُظهر علاقة ارتباط وليست علاقة سببية مباشرة، إلا أن النتيجة واضحة وهي أن البقاء جالساً لفترات طويلة على المرحاض يُعد عاملاً رئيسياً لزيادة خطر الإصابة بالبواسير.

ووفقاً للمتخصصين فإن الجلوس لفترة طويلة على المرحاض يسبب ضغطاً مباشراً في منطقة البطن على البواسير والعجان. وبمعنى آخر كلما طال الجلوس زاد خطر الالتهاب وتمدد الأوعية الدموية.

سواء كان كتاباً أو مجلة أو هاتفاً ذكياً فلا يهم الوسيلة، المهم هو تقصير مدة الجلوس في الحمام.

لا تعتمد الإصابة بالبواسير على استخدام الشاشات فقط، بل هناك عوامل أخرى تساهم في ظهورها، من بينها:

  • قلة الحركة ونمط الحياة الخامل،
  • السمنة،
  • الحمل والولادة،
  • التقدم في العمر،
  • الإمساك المزمن، الذي يتفاقم غالباً بسبب قلة الألياف في الغذاء وضعف الترطيب.

وأشار الباحثون أيضاً إلى أن مستخدمي الهواتف في الحمام كانوا أقل نشاطاً بدنياً مقارنة بغيرهم من المشاركين.

يمكن لبعض الخطوات البسيطة أن تقلل من خطر الإصابة منها:

  • تحديد مدة الجلوس في الحمام: من 3 إلى 5 دقائق كحد أقصى.
  • تجنب استخدام الشاشات والقراءة المطولة: يُفضل ترك الهاتف خارج الحمام.
  • اتباع نظام غذائي متوازن: الإكثار من تناول الألياف (الفواكه، الخضروات، البقوليات، الحبوب الكاملة) لتسهيل عملية الهضم.
  • الحفاظ على الترطيب: شرب ما لا يقل عن 1.5 لتر من الماء يومياً للوقاية من الإمساك.
  • ممارسة نشاط بدني منتظم: كالمشي أو ركوب الدراجة أو السباحة، لتحسين حركة الأمعاء وتقليل الضغط الوريدي.
  • تجنب الكحول والأطعمة الحارة : لأنها قد تزيد من حدة الأعراض.
  • استشارة الطبيب : عند ظهور نزيف أو ألم مستمر، إذ يمكن لأخصائي أمراض الجهاز الهضمي تأكيد التشخيص واقتراح العلاج المناسب (كالمراهم، أو الحمامات الموضعية، أو التدخل الطبي عند الضرورة).

تؤكد هذه الدراسة الأمريكية ما يعرفه أطباء الجهاز الهضمي منذ زمن وهو أن البقاء طويلاً على المرحاض يُعد عاملاً مفاقماً للبواسير. فالتسلية التي يوفرها الهاتف الذكي تطيل مدة الجلوس، وبالتالي تزيد من خطر الإصابة.

الرسالة التوعوية واضحة: الحمام ليس مكاناً للاسترخاء الرقمي، ولحماية صحتك من الأفضل ترك تصفح الهاتف في غرفة المعيشة، والاكتفاء باستخدام الحمام للغرض الذي صُمم من أجله.

الكلمات المفتاحية: أطباء الجهاز الهضمي، المرحاض، الحمام، الرقمنة، الصحة، الشاشات، البواسير.

مقالات في نفس الموضوع