مع كل دخول مدرسي تمتلئ رفوف المكتبات بالأقلام الملوّنة، والغراء المعطّر، والمماحي ذات الأشكال المرحة. أدوات مألوفة يُفترض أنها آمنة ترافق التلاميذ يومياً غير أن وراء هذه المستلزمات البسيطة تختبئ أحياناً مواد كيميائية ضارة قد تعرّض صحة الصغار للخطر.
تهديد غير مرئي لكنه حقيقي
منذ سنوات تكشف التحقيقات عن وجود مواد سامة في بعض اللوازم المدرسية الشائعة: الفثالات، الفورمالديهايد، المذيبات، المعادن الثقيلة… كلها مكونات وُجدت في المماحي، الأقلام، الغراء، أقلام التحديد وحتى الدفاتر. وعند استنشاقها أو ابتلاعها أو بمجرد ملامستها للجلد، قد تسبّب تأثيرات خطيرة.
فبعض الفثالات مثلاً تُعتبر من المواد المسببة لاضطراب الغدد الصماء، وقد تؤثر على الخصوبة والنمو الهرموني. أما الفورمالديهايد المستعمل كمادة حافظة، فهو مادة مسرطنة ويمكن أن يسبب حساسية جلدية. في حين أن المذيبات العضوية مثل التولوين أو الكلوروفورم، فهي مرتبطة باضطرابات عصبية وكبدية.
أخطر المواد المحددة في اللوازم المدرسية
- الفثالات: تحدث اضطراب هرموني وتؤثر على النمو والخصوبة.
- الفورمالديهايد: مسرطن، مثير للحساسية، يوجد في الغراء وأقلام التحديد.
- التولوين والكلوروفورم: مذيبات سامة للجهاز العصبي.
- المعادن الثقيلة (الرصاص، الكادميوم، الكروم، النيكل): تأثيرات سُمّية عصبية.
- البنزين: مادة مسرطنة مؤكدة، موجودة أحياناً في بعض أنواع الغراء.
- الإيزوثيازولينونات: مواد حافظة قوية تسبب حساسية جلدية.
- مركبات PFAS “ملوثات أبدية“: تبقى وتتراكم في الجسم.
لماذا الأطفال هم الأكثر عرضة؟
تصرفات يومية بسيطة مثل مضغ القلم، الرسم على الجلد بقلم ملوّن، أو استنشاق رائحة قلم الحبر تصبح خطيرة إذا كانت المنتجات تحتوي على مواد ضارة.
الأطفال أكثر عرضة بسبب:
- بشرتهم أرق وتمتص المواد بشكل أكبر.
- جهازهم المناعي والهرموني ما زال في طور النمو.
- يضعون الأدوات في أفواههم بشكل متكرر، ما يزيد خطر الابتلاع.
- أجسامهم أقل قدرة على التخلص من السموم، ما يؤدي إلى تراكمها.
وعلى المدى الطويل قد تسبب هذه التعرضات تهيجات جلدية، ردود فعل تحسسية، مشاكل تنفسية، زيادة خطر السمنة وحتى أمراضاً مزمنة.
ما تقوله الدراسات عن التأثيرات طويلة المدى
- تهيجات جلدية وحساسيات مزمنة.
- اضطرابات تنفسية (ربو، التهاب قصبات).
- اضطرابات هرمونية: بلوغ مبكر، انخفاض الخصوبة.
- اضطرابات في النمو العصبي (صعوبات تركيز، فرط نشاط).
- زيادة خطر الإصابة بالسرطان نتيجة التعرض المطوّل (خاصة مع البنزين والفورمالديهايد).
المواد الخطرة في باطن اللوازم المدرسية

تحليلات الوكالات الصحية أظهرت:
- الفثالات: مضافات بلاستيكية موجودة في المماحي وعجائن اللعب، اضطرابات هرمونية مثبتة.
- المركبات العضوية المتطايرة: الفورمالديهايد، التولوين، الكلوروفورم في الغراء وأقلام التحديد واقلام الحبر ، وهي مهيجة ومسرطنة.
- البنزين: موجود أحياناً في الغراء، مادة مسرطنة للغاية.
- المعادن الثقيلة (الرصاص، الكادميوم، النيكل، الكروم السداسي): في بعض الدهانات والأحبار وهي سامة للدماغ والكليتين.
- PFAS «ملوثات أبدية»: من بعض أوراق الطباعة، تبقى في البيئة والجسم.
- الإيزوثيازولينونات: مواد حافظة قوية، مسببة للحساسية.
- العطور والألوان الاصطناعية: مضافة لجذب الأطفال، لكنها قد تحفّز على ابتلاعها أو تسبب حساسية.
عدد من هذه المواد محظور في الألعاب بموجب القوانين الأوروبية، لكن المفارقة أن لا وجود لتنظيم خاص باللوازم المدرسية بعد، مما يترك فراغاً قانونياً مقلقاً.
منتجات غير مطابقة أحياناً
تحقيقات عدة كشفت:
- مماحي تحتوي على مضافات بلاستيكية بتركيزات تفوق المسموح.
- أقلام حبر تطلق مذيبات سامة.
- غراء أو أقلام مصححة تبعث مركبات متطايرة خطيرة.
- أقلام بحبر غير مطابق.
غالباً ما تعود المشاكل إلى تجاوز الحدود التنظيمية أو غياب رموز السلامة الإلزامية.
كما ظهرت ملصقات مضللة وهي أن بعض أنواع الغراء تحمل شعار “قابل للتحلل” دون إثبات، ومماحي مكتوب عليها “خالية من PVC” رغم وجود إضافات سامة، وبالتالي يمكن اعتبارها ممارسات تجارية تزرع شعوراً زائفاً بالأمان لدى الأولياء.
كيف نختار منتجات أكثر أماناً؟
- البحث عن علامات الجودة: NF Environnement، العلامة البيئية للاتحاد الأوروبي أو شهادات محلية.
- التأكد من وجود رموز السلامة.
- قراءة التعليمات: تجنب المنتجات بدون ملصق واضح.
- الحذر من الأسعار المنخفضة جداً أو العلامات المجهولة.
قضية صحة عامة
التعرض للمواد الكيميائية في اللوازم المدرسية ليس أمراً بسيطاً. فحتى إن كانت الآثار الفورية محدودة، فإن تراكمها بمرور الوقت – خاصة عند الأطفال – قد يزيد خطر الأمراض المزمنة لذلك يدعو الخبراء إلى:
- توحيد القوانين الخاصة باللوازم المدرسية مع تلك الخاصة بالألعاب، والتي تحظر مواد مسرطنة أو مسببة للعقم.
- تشديد الرقابة على المصنّعين والموزعين.
- التخلص من المواد المعطّرة والملونة أو المتطايرة غير الضرورية والخطيرة.
الأولياء: كيف يحدّون من المخاطر؟

وإلى أن تصدر قوانين أكثر صرامة يمكن تقليل تعرض الأطفال بالخطوات التالية:
- اختيار لوازم تحمل علامة جودة معترف بها (NF Environnement، Écolabel…).
- تجنب المنتجات المعطرة أو اللامعة أو الرخيصة.
- التأكد من وجود تعليمات السلامة على الغلاف.
- تعليم الأطفال عدم وضع الأقلام أو المماحي في أفواههم أو الرسم على جلدهم.
اليقظة ضرورية
مع كل دخول مدرسي يملأ ملايين التلاميذ محافظهم بلوازم جذابة وملونة. لكن خلف هذه البراءة قد تختبئ أخطار غير مرئية، لذا فإن حماية صحة الأطفال تتطلب يقظة أكبر من الأولياء وتنظيماً أكثر صرامة. فالمدرسة يجب أن تظل مكاناً للتعلم والنمو لا مصدراً خفياً للتعرض للمواد الكيميائية بسبب أقلام أو مماحي غير آمنة.
الكلمات المفتاحية: لوازم؛ مدرسية؛ صحة؛ طفل؛ سلامة؛ سام؛ بلاستيك.
إقرأ أيضاً: