صحة جيدة لحياة أفضل

الجري مع الاستماع إلى الموسيقى: هل هي فعلاً فكرة جيدة؟

حرر : د. أسامة محمد ابراهيمي | دكتور في علوم الرياضة
25 أغسطس 2025

الموسيقى تنسق خطواتك، وتعزز دافعك، وأحيانًا تجعل الجري تجربة شبه نشوة. لكن هذه العادة المنتشرة بين العدائين هل هي مفيدة حقًا؟ المتخصصون في الصحة والمدربون الرياضيون ليسوا متفقين حول ذلك، لنلقي معا نظرة عامة على الفوائد والمخاطر وأفضل الممارسات حول هذا الصدد .

غالبًا ما يُنظر إلى الجري على أنه ممل أو مقيد. في هذا السياق تعمل الموسيقى كرافعة قوية للدافع، أين أظهرت عدة دراسات أنها تحسن الأداء، كما أظهرت إحدى الدراسات أن الجري أثناء الاستماع إلى موسيقى مفضلة يزيد من السرعة والمسافة المقطوعة، مع تقليل معدل اللاكتات وهو مؤشر على التعب العضلي.

وتؤكد أبحاث أخرى أن الموسيقى يمكن أن تزيد من القدرة على التحمل وتطيل مدة الجهد. من خلال ضبط إيقاع خطواته على معدل مناسب (يقاس بـ BPM – نبضات في الدقيقة)، يكتسب العداء انتظامًا وانسيابية أكبر.

لكن الحذر مطلوب خاصة وأن BPM مرتفع جدًا لا يضمن إيقاعًا أفضل، بل قد يحد من التسارعات على المدى الطويل، لأنه يربك الإدارة الطبيعية للجهد.

إذا كانت الموسيقى تحفز فهي قد تشتت الانتباه أيضًا. بعض الأشخاص يدركون أنهم لم يعودوا يستمعون بنشاط لمقطوعاتهم بعد بضع دقائق، مما يعكس نوعًا من الملل. لذا فإن الجري بدون موسيقى يسمح بالعكس بالاتصال بالبيئة المحيطة، وإعادة التواصل مع الإحساس بالجسم والتنفس، وبالتالي يعتبر تمرين ممتاز للوعي الكامل، كما يعزز الاسترخاء الذهني والتوازن العاطفي.

ويشكل الاعتماد على الموسيقى فخًا آخر، فإذا لم يعد بالإمكان الجري بدون المقاطع المفضلة، قد تختفي متعة الجري بمجرد غياب الظروف المناسبة (قائمة تشغيل سيئة، نفاد البطارية، نسيان سماعات الأذن…) وهذا ما يؤثر على الانتظام والدافع.

للموسيقى جانب سلبي أيضًا، فهي تقلل الانتباه السمعي، مما يزيد من خطر الحوادث، خاصة في المدينة: المرور، العداؤون الآخرون، الإشارات الصوتية للطوارئ…

يمكن أن تخفي الإشارات الجسدية الأساسية، مثل الألم أو التعب أو ضيق التنفس، مما يعرض الشخص للإفراط في التدريب أو للإصابة.

وأظهرت إحدى الدراسات أن الاستماع إلى الموسيقى بصوت عالٍ يزيد من قوة الارتطام بالأرض، وهذا قد يحسن الدفع أثناء الجري لكنه يزيد أيضًا من الضغط على المفاصل، ما يزيد من مخاطر التهاب الأوتار، الإصابات الدقيقة، أو الألم المزمن.

في السباقات الرسمية وخاصة الماراثونات أو المنافسات عالية المستوى، غالبًا ما يُمنع استخدام الموسيقى عبر سماعات الأذن أو السماعات الرأسية.

ويوضح أطباء الرياضة: «الموسيقى تعمل كمنشط ذهني فهي تحسن التركيز وتخفي التعب، ولضمان العدالة والسلامة غالبًا ما تُحظر في المنافسات».

كما تهدف هذه القاعدة أيضًا إلى تمكين العدائين من سماع تعليمات المنظمين وتجنب الحوادث.

إذا كنت تحب الجري مع الموسيقى – والكثير منكم يفعل ذلك – فإليك بعض النصائح للاستمتاع بها دون الإضرار بسلامتك أو بأدائك.

1. التناوب بين الفترات

بدّل بين الأوقات مع الموسيقى وبدونها: على سبيل المثال 20 إلى 30 دقيقة مع الموسيقى، تليها 10 إلى 20 دقيقة بدون، لفترة أكثر تأملًا وحسية.

2. اختيار المعدات المناسبة

  • تجنب السماعات التي تقلل الضوضاء، لأنها تعزل تمامًا عن الأصوات المحيطة.
  • فضّل السماعات ذات التوصيل العظمي أو السماعات “المفتوحة” المصممة للجري، والتي تسمح بمرور الأصوات الخارجية.
  • إذا كانت البيئة مناسبة (حديقة، ممر)، يمكنك أيضًا تشغيل الموسيقى بصوت منخفض عبر الهاتف بدون سماعات.

“المهم هو البقاء متصلًا بالبيئة الصوتية حولك.”

3. تجنب الجري والهاتف باليد

يخل حمل الهاتف الذكي أثناء الجري بالتوازن ويغير خطواتك وقد يسبب آلامًا أو سقوطًا. لذا استخدم حزامًا للذراع، أو حزامًا للجري، أو حمالة، للحفاظ على اليدين حرتين.

اختر موسيقى ديناميكية تدعم إيقاعك، وتجنب المقاطع البطيئة جدًا أو البودكاست التي قد تكسر الزخم.

أي BPM يناسب أي نوع من الجري؟

نوع الجري                                  معدل BPM الموصى به
الإحماء / التعافي                         90 إلى 120 BPM    
الجري الخفيف / التحمل المعتدل             120 إلى 140 BPM   
التدريبات المتقطعة / السرعة / الجري السريع140 إلى 180 BPM   

يوصي بعض المدربين مثل “ماتيو مازان” بطلب استشارة متخصص في الصحة أو الرياضة لتكييف الإيقاع وفقًا لأسلوب جريك.

وتتوفر قوائم تشغيل جاهزة على Spotify وDeezer وYouTube وApple Music، مصنفة حسب معدل BPM أو نوع الجهد المبذول.

الجري مع الموسيقى يمكن أن يعزز أدائك لكنه يتطلب بعض الاحتياطات. من خلال التناوب بين الجلسات مع وبدون موسيقى، وضبط مستوى الصوت، واختيار المعدات المناسبة، يمكنك الحفاظ على سلامتك، وتحفيزك والاستمتاع بالركض.

الكلمات المفتاحية: الجري؛ الموسيقى؛ الصحة؛ التدريب؛ السباق؛

مقالات في نفس الموضوع