صحة جيدة لحياة أفضل

متى يبدأ الشخص في اكتساب ملامح وطباع والدته؟

حرر : صفاء كوثر بوعريسة | صحفية
27 أغسطس 2025

“مثل الأم، مثل الابنة”، “إذا أردت الزواج من الفتاة، فانظر إلى أمها”..هذه الأقوال الشعبية التي تتحدث عن الشبه بين الأم وابنتها كثيرة، لكنها غالبًا ما تكون تبسيطية، ومع ذلك فإن سؤال “هل تعتقد أنني أشبه أمي؟” يتكرر بين النساء، وأحيانًا بشيء من القلق لأن الشبه يصبح حتميًا مع التقدم في العمر، سواء من حيث الشكل أو التصرفات. 

لا يرتبط هذا التشابه بالمظهر فقط، بل يشمل أيضًا طريقة التصرف، أين تبدأ عملية التقليد النفسي في وقت مبكر جدًا من الحياة، وتظهر من خلال ما يُعرف بـ”النوع المشابه”، حيث يتربط الطفل بسهولة أكبر مع الوالد من نفس الجنس، مع الشعور في الوقت نفسه بالحاجة إلى التمايز عن الوالد الآخر. 

تشير الأخصائية النفسية ”جنات يعقوبي” إلى أن “نوع التعلق الذي ينشأ بين الطفل ووالدته يلعب دورًا رئيسيًا في عملية الاندماج معها”، فالتعلق غير الآمن قد يجعل هذه العملية أكثر تعقيدًا، إذ إن عدم رؤية الأم كنموذج مطمئن يجعل التطابق معها أكثر صعوبة. 

على المستوى الجسدي يمكن أن يحدث التشابه مع الأم، حيث تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في ذلك، مما يعزز عملية التطابق والتقليد، ومع ذلك فيما يخص الشخصية فهناك عدة احتمالات: 

  • بناء شخصية مغايرة للأم. 
  • تكرار سلوكيات الأم. 
  • اعتماد نهج المرونة من خلال الاستفادة من الإيجابيات في النموذج الأمومي وتجاهل الجوانب السلبية، مما يؤدي إلى بناء نموذج خاص. 

كشفت دراسة أجرتها شركة التأمين الأمريكية Progressive على 2000 شخص أن متوسط العمر الذي يبدأ فيه الشخص بملاحظة الشبه مع والديه هو30 عامًا، في حين لاحظ بعض المشاركين التشابه منذ العشرينات. 

لتعميق فهم هذا الظاهرة أجرى الدكتور ”جوليان دي سيلفا” (Julian De Silva )  وهو جراح تجميل بريطاني، دراسة شملت أكثر من 2000 شخص، ووجد أن النساء عادةً ما يبدأن في التشابه مع أمهاتهن في الثلاثينيات وتحديدًا عند سن 33، وخاصة بعد إنجاب الطفل الأول، ويرتبط ذلك غالبًا بفترة الأمومة، حيث إن العديد من النساء يصبحن أمهات في هذا العمر، خصوصًا في المملكة المتحدة. 

أكثر من نصف المشاركين في الدراسة أشاروا إلى أنهم بدأوا في تبني سلوكيات مشابهة لوالديهم في الثلاثينيات، وتوزعت النسب على النحو التالي: 

  • 52% بين سن 30 و35 عامًا. 
  • 26% بين سن 35 و40 عامًا. 
  • 10% فقط بعد سن 40 أو 50 عامًا. 

أما بالنسبة للرجال فهم أيضًا يبدأون في التشابه مع آبائهم في عمر 33.4 عامًا، سواء من الناحية الجسدية أو السلوكية.

“نحن جميعًا ننتهي إلى التشابه مع والدينا في مرحلة ما من حياتنا، وهذا أمر يجب الاحتفاء به”، كما يؤكد الدكتور ”جوليان دي سيلفا”، وفقًا له فإن تجربة الأبوة والأمومة تعد عاملًا رئيسيًا في هذا التحول، لكن نمط الحياة يلعب أيضًا دورًا مهمًا. 

ويعتبر هذا التشابه أمر لا مفر منه، ومع ذلك يسعى العديد من الأشخاص إلى تأخيره، ولهذا السبب انخفض متوسط عمر إجراء أول عملية تجميل والذي أصبح في سن 37 عامًا للنساء و43 عامًا للرجال ، في حين يسعى الكثيرون إلى تأجيل ظهور بعض أوجه التشابه مع والديهم، بهدف تحسين مظهرهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم.

مع ذلك فهذه ليست قاعدة مطلقة، إذ يمكن لبعض النساء اختيار الاختلاف عن أمهاتهن والبحث عن هويتهن الخاصة بشكل مستقل. 

إذا لم ترغب المرأة في التشابه مع والدتها، فيمكنها بناء هويتها الخاصة بطريقة متوازنة، لذا تؤكد الأخصائية النفسية ”جنات يعقوبي” أن “إدراك أنماط التكرار وانعدام الأمان العاطفي هو خطوة أساسية”، حيث يمكن أن يكون الدعم النفسي مفيدًا لمساعدة الشخص على خلق مسافة نفسية وبدء عملية التمايز. 

ويتحقق ذلك من خلال إجراء تغييرات في نمط الحياة، ووضع حدود واضحة مع الأم، لا سيما إذا كانت شخصيتها مفرطة في التدخل، وذلك بهدف بناء “مساحة نفسية” مستقلة، تتيح الاختلاف مع الاحتفاظ بالقيم الإيجابية التي تقدمها الأم.

كما أنه من الضروري التخلي عن الصورة المثالية للأم، والتصالح مع عيوبها، ومسامحتها على أخطائها من أجل المضي قدمًا دون البقاء عالقين في جراح الماضي. 

الكلمات المفتاحية: والدان؛ امرأة؛ ابنة؛ طفل؛ تشابه؛ شكل جسدي؛ نفسي.

مقالات في نفس الموضوع