صحة جيدة لحياة أفضل

الجري واضطرابات الجهاز الهضمي: ظاهرة متكررة يمكن تجنبها

حرر : د. أسامة محمد إبراهيمي | دكتور في علوم الرياضة
20 يوليو 2025

الجري هو أحد أكثر الرياضات انتشارًا في العالم، إذ أن فوائده على صحة القلب والأوعية الدموية، والجهاز العضلي الهيكلي، والرفاه النفسي موثقة جيدًا، ومع ذلك يعاني ما بين 30% و90% من العدائين من مشكلة اضطرابات الجهاز الهضمي. فكل من آلام البطن، ارتجاع، غثيان، إسهال بمثابة أعراض تعكر ممارسة الرياضة وقد تؤثر على الأداء والاستمتاع بالجري. ولكن لماذا تحدث هذه المشكلات؟ وكيف يمكن الوقاية منها دون التخلي عن فوائد الرياضة؟

لم يتم فهم الآليات الدقيقة بعد بشكل كامل، لكن هناك عدة عوامل فسيولوجية وغذائية تلعب دورًا في ذلك.

1. جهاز هضمي معرض للإجهاد

أثناء الجهد المكثف يفضل الجسم توجيه الدم إلى العضلات على حساب الأعضاء الهضمية، والنتيجة هي انخفاض حركة الأمعاء، تباطؤ إفراغ المعدة، وضعف امتصاص المغذيات.

بالإضافة إلى ذلك يؤدي تنشيط الجهاز العصبي الودي تحت تأثير الإجهاد الجسدي إلى زيادة إنتاج بعض الهرمونات التي تغير من وظيفة الجهاز الهضمي، مسببة آلامًا، انتفاخات، وإسهالًا.

2. تأثير التغذية

ما نأكله قبل وأثناء الجهد له دور حاسم ، إذ أن بعض الأطعمة تسبب مشاكل أكثر لأنها تبطئ الهضم أو تزيد من إنتاج الغازات:

  • الألياف (الفواكه، الخضروات، الحبوب الكاملة)
  • البروتينات والدهون (اللحوم، البيض، منتجات الألبان)
  • السكريات القابلة للتخمر والكربوهيدرات (مشروبات الطاقة الغنية بالجلوكوز، الفركتوز الزائد)
  • السوائل عالية التركيز (مشروبات ذات تركيز أو سكر زائد)

فهذه الأطعمة قد تزيد من اضطرابات الهضم بجذب الماء إلى الأمعاء أو بإحداث اضطراب في الفلورا المعوية.

تنقسم الأعراض إلى فئتين: اضطرابات الجهاز الهضمي العلوي (المعدة، المريء) واضطرابات الجهاز الهضمي السفلي (الأمعاء، القولون، المستقيم).

1. اضطرابات الجهاز الهضمي العلوي: المعدة تحت الضغط

  • ارتجاع المريء: يعاني منه أكثر من 50% من العدائين، فتأثير الاهتزازات والضغط البطني يعزز صعود الأحماض المعدية، مسببًا حرقة وعدم راحة.
  • الغثيان والقيء: غالبًا ما يرتبط بهضم غير كامل قبل الجري أو بسوء التحكم في الترطيب.
  • التهاب المعدة والقرح: بعض العدائين يتناولون مضادات الالتهاب غير الستيرويدية لتخفيف آلام العضلات أو المفاصل، وهذه تزيد من خطر تهيج المعدة.

2. اضطرابات الجهاز الهضمي السفلي: أعراض معيقة

  • آلام في البطن: تصيب ثلثي العدائين خاصة من يتنفسون بشكل سيء أو يتناولون الطعام قبل الجري بفترة قصيرة.
  • الانتفاخ والغازات: غالبًا نتيجة هضم غير جيد للكربوهيدرات أو تناول كمية كبيرة من الألياف.
  • الإسهال وسلس البراز: يعاني منها بين 56 و71% من العدائين، والسبب الرئيسي هو مزيج من الإجهاد الهضمي، الترطيب، وتسارع تقلصات الأمعاء.
  • نزيف المستقيم: قد يحدث بعد جري لمسافات طويلة ويتطلب متابعة طبية.

1. تعديل التغذية

  • تناول وجبة خفيفة قبل الجري، مع تجنب الألياف، الدهون، والبروتينات الصعبة الهضم.
  • تفضيل الكربوهيدرات البسيطة (موز، خبز أبيض، مهروس فواكه) للحصول على طاقة سريعة دون إرهاق الجهاز الهضمي.
  • تجربة مشروبات الطاقة قبل الجري للتأكد من تحمل الجهاز الهضمي لها.

2. إدارة الترطيب بذكاء

  • الشرب بكمية صغيرة ومنتظمة بدلاً من كميات كبيرة دفعة واحدة.
  • تجنب المشروبات شديدة السكر وعدم التركيز على التي قد تزيد الإسهال.

3. الاستماع للجسم وتعديل التدريب

  • تجنب الجري مباشرة بعد الأكل (ينصح بالانتظار من 2 إلى 3 ساعات).
  • عدم تجربة أطعمة أو مكملات جديدة يوم المنافسة.
  • العمل على تحسين التنفس للحد من النقاط الجانبية.

يبقى الجري رياضة ذات فوائد عديدة، لكن من الضروري اتباع استراتيجية غذائية وتدريبية مناسبة لتفادي هذه الاضطرابات الهضمية، فمع بعض التعديلات يمكن الاستمتاع بالجري دون المعاناة من أضراره.

الكلمات المفتاحية: الجري؛ الصحة؛ الجسم؛ الجهاز الهضمي؛ الإسهال؛ سلس البراز؛

مقالات في نفس الموضوع