صحة جيدة لحياة أفضل

لماذا يشفى فمك بسرعة كبيرة؟ إليك ما تكشفه العلوم عن قدرة الفم الاستثنائية في التجدد

حرر : د. فيويليتا جوليا بوزيو | دكتورة في الطب
7 يوليو 2025

تختفي عضة الخد أو جرح اللسان أو خدش سقف الفم بسرعة، ويزول الألم في وقت قصير، وكأن شيئًا لم يحدث، على عكس الجلد الذي يحتاج وقتًا أطول للشفاء قد يستغرق أسابيع ويترك أحيانًا آثارًا أو ندوبًا، فإن أنسجة الفم تتجدد بسرعة كبيرة. هذا الأمر حيّر العلماء لسنوات، إلى أن كشفت دراسة أمريكية جديدة جزءً من السر وراء ذلك.

أجرى باحثون من مركز سيدرز-سينا الطبي، وجامعة ستانفورد، وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF)، دراسة ما قبل سريرية نُشرت في مجلة Science Translational Medicine. وقارنوا بين آليات الشفاء في الغشاء المخاطي للفم (الجزء الداخلي للفم) والجلد الخارجي للوجه عند فئران المختبر، وكان الهدف فهم سبب تعافي الفم بسرعة، وبدون ترك ندوب.

سلّطت الدراسة الضوء على مسار إشارات خلوية نشط في الغشاء المخاطي للفم، يرتكز على جزيئين رئيسيين:

  •  GAS6: بروتين يشارك في الاستجابات المضادة للالتهاب.
  •  AXL: إنزيم مستقبل يتفاعل مع GAS6.

ويؤدي هذا الثنائي الجزيئي وظيفة فريدة: حيث يثبطان مسارًا آخر يُعرف باسم FAK (كيناز الالتصاق البؤري)، والذي يُعرف بإبطاء تجدد الخلايا عند تنشيطه بشكل مفرط. وبفضل تعطيل FAK، يساهم مسار GAS6–AXL في شفاء أسرع، وأكثر انتظامًا، وخالٍ من التليف أو الندوب.

وعندما قام الباحثون بتثبيط AXL لدى الفئران، تراجعت قدرة الفم على الشفاء بشكل واضح، وبالعكس عندما فعّلوا هذا المسار GAS6–AXL في الجروح الجلدية، لاحظوا تسارعًا ملحوظًا في عملية الشفاء، مع تجدد نسيجي شبيه بما يحدث داخل الفم.

بعبارة أخرى يتمتع الفم بتوقيع بيولوجي فريد يمكّنه من إصلاح الأنسجة بكفاءة أعلى من الجلد. كما أن بيئة الفم الرطبة، والغنية بالإنزيمات اللعابية والخلايا المناعية، تساهم بدورها في دعم عملية الشفاء.

يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا واعدة في مجال الطب التجديدي. كما أوضح الدكتور ”أوفير كلاين” المشارك في الدراسة: «نحن نعلم الآن أن مسار GAS6–AXL هو رافعة بيولوجية أساسية للشفاء السريع والخالي من الندوب داخل الفم، ويمكننا من خلال تعديله محاولة استنساخ هذا التأثير على الجلد.»

هذا ويأمل الباحثون في المستقبل في تطوير علاجات مبتكرة مثل الكريمات أو الجل أو الحقن ، تعمل على تحفيز هذا المسار في الجروح الجلدية بهدف:

  •  تسريع الشفاء لدى المرضى المصابين أو المحترقين؛
  •  تقليل تشكل الندوب بعد العمليات الجراحية؛
  •  تحسين علاج الجروح المزمنة (مثل قرحات السكري…).

من خلال مراقبة كيفية عمل الجسم الطبيعي، يسعى العلماء لتطوير علاجات تحاكي الآليات البيولوجية الفعالة. ويُعد الفم بقدرته على الترميم السريع والصامت، نموذجًا مثاليًا للشفاء الذاتي.

وتذكّر هذه الدراسة بأن الحلول لأصعب التحديات الطبية قد تكون كامنة في أجسامنا نفسها ، حيث لم تنظر العلوم لها من قبل بعمق كافٍ. ومع هذا التقدّم قد يدخل شفاء الجلد عصرًا جديدًا أسرع، أنظف، وأكثر إنسانية.

الكلمات المفتاحية: الفم؛ الجروح؛ العناية؛ الجلد؛ الطب.

إقرأ أيضاً: