صحة جيدة لحياة أفضل

الطبيعة التي تعالجنا: عودة إلى الجذور من أجل رفاهيتنا

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
22 يونيو 2025

منذ فجر التاريخ، كانت الطبيعة حليفًا ثمينًا لصحة الإنسان، فالنباتات الطبية، المياه المعدنية، العلاجات عن طريق البستنة أو الحيوانات في جميع أنحاء العالم، كانت الموارد الطبيعية تُستخدم دائمًا للشفاء. أما في يومنا هذا أصبح الوصول إلى الطبيعة يُعتبر خدمة للعافية، ما يعكس عودة إلى الممارسات القديمة، اكتشفوا مع «صحتي، حياتي» كيف يمكن للتواصل مع الطبيعة أن يكون مفيدًا لصحتكم.

منذ العصور القديمة استغل البشر فوائد النباتات الطبية. وبحسب بيئتهم تستخدم كل ثقافة نباتات معينة تلبي احتياجاتهم الصحية. فعلى سبيل المثال يشتهر اللافندر بخصائصه المهدئة والهضمية، بينما يُفضل نبات الشيح من قبل سكان المناطق الجبلية لمكافحة التعب على المرتفعات.

ويجمع الطب الطبيعي الذي يشمل ممارسات مثل العلاج بالنباتات، والعلاج بالزيوت العطرية ، ويُعترف به اليوم من قبل منظمة الصحة العالمية كطب تقليدي، في حين يهدف إلى تعزيز دفاعات الجسم باستخدام طرق طبيعية وبيولوجية.

من جهتها فإن فوائد الطبيعة على الرفاهية باتت اليوم مثبتة علميًا. ففي عام 1986 أظهر عالمان أمريكيان” س. أولريتش وروبرت ف. سيمونز” أن مشاهدة النباتات تقلل من الأعراض الفسيولوجية للتوتر مثل توتر العضلات وتسارع ضربات القلب. ومنذ ذلك الحين أكدت العديد من الدراسات هذا الرابط، إذ ثبت الآن أن الطبيعة تؤثر إيجابيًا على الجسم والعقل، من خلال تعزيز الاسترخاء والتعافي.

الطبيعة تمنحنا شعورًا بالراحة.

تركز بعض الدراسات حول فوائد الطبيعة على البيئات الطبيعية الملائمة للرفاهية مثل الغابات أو المناظر الخضراء. ومع ذلك أظهرت أبحاث نفسية أن تأثير الطبيعة موجود بغض النظر عن نوعها. سواء كانت خضراء أو لا، في طقس مشمس أو غير ذلك أو حتى بوجود عناصر مائية، فإن التأثير الإيجابي واضح، حيث أن مجرد التواجد في بيئة طبيعية له تأثيرات مفيدة على الصحة والسلوك البشري، مما يثبت أن الطبيعة تعمل كعلاج شامل.

العلاجات المعتمدة على التواصل مع الطبيعة تزداد شعبية، فهذه الممارسات المعروفة بأسماء مثل “العلاج بالبستنة” (الاعتناء بالحدائق) و”العلاج بالغابات” (الاستحمام في الغابة)، تم دمجها اليوم في بعض المرافق الصحية. فعلى سبيل المثال تُستخدم الحدائق العلاجية في المستشفيات ودور العجزة لتوفير مساحة طبيعية للمرضى ليجدوا فيها الراحة ويتواصلوا مع الحياة، في حين تقدم هذه الأماكن رفاهية وتعد وسيلة فعالة لتقليل التوتر وتعزيز الشفاء.

العلاج بالغابات المعروف في اليابان باسم “شينرين-يوكو”، هو ممارسة تزداد شعبية باستمرار، أين تقوم هذه الممارسة على الانغماس في الطبيعة، وخاصة في الغابات للاستفادة من فوائدها. ويُعترف بهذا الطب الوقائي منذ عام 1982 في اليابان، ويدرسه باحثون مثل الدكتور ‘‘تشينغ لي’‘، فبعد ثماني سنوات من البحث أثبت أن حمامات الغابات تعزز الجهاز المناعي، وتخفض ضغط الدم، وتقلل مستويات السكر في الدم، وتحسن التركيز والذاكرة، كما أن الأشجار والهواء النقي في الغابة يقدمون فوائد تتجاوز الاسترخاء لتدعم الصحة العامة.

أظهر التواصل مع الحيوانات أيضًا تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية. فالعلاج بالحيوانات أصبح ممارسة متزايدة الاستخدام في العلاجات النفسية، خصوصًا لعلاج اضطرابات مثل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، حيث أن التفاعل مع الحيوانات يقلل من القلق، يعزز الاسترخاء، ويحسن المزاج. وعلى سبيل المثال يُستخدم الكلاب كثيرًا لتقديم الراحة للمرضى، وحضورها مفيد للصحة النفسية.

يتجاوز التواصل مع الطبيعة الجانب النفسي، فهو يساعد أيضًا في تقوية جهاز المناعة لدينا. فأثناء التنزه في الغابة أو العمل في البستنة، نتعرض لبكتيريا نافعة موجودة في البيئة، كما أن دراسات يابانية خاصة أبحاث الدكتور ”تشينغ لي” حول حمامات الغابات، أظهرت أن التعرض لبكتيريا طبيعية مثل “Mycobacterium vaccae” يحسن الدفاعات المناعية ويساهم في صحة عامة أفضل.

يعتبر المشي في الهواء الطلق بمثابة أحد أبسط وأفضل أشكال العلاجات الطبيعية. فالمشي لمسافات طويلة أو حتى التنزه البسيط في الغابة يسمح بالاستفادة من فوائد النشاط البدني جنبًا إلى جنب مع فوائد التواصل مع الطبيعة. وقبل أكثر من 2000 عام، قال ”أبقراط ” إن “المشي هو أفضل دواء للإنسان”. وقد أكدت العديد من الدراسات الحديثة هذا القول. فالمشي في الهواء الطلق يساعد على الحفاظ على صحة جيدة، جسديًا ونفسيًا على حد سواء. فهو يقلل من التوتر، يحسن المزاج، يزيد من الطاقة ويساعد في التحكم بالوزن.

التواصل مع الطبيعة سواء كان من خلال النباتات، أو الحيوانات، أو التمارين البدنية في الهواء الطلق، أو العلاجات مثل العلاج بالغابات والعلاج بالبستنة هو علاج طبيعي لرفاهيتنا. فبإعادة ربط أجسامنا وعقولنا بالبيئة الطبيعية، نعزز صحة جسدية ونفسية أفضل، كما أنه وفي عالم يتزايد فيه التحضر والضغط النفسي، تقدم لنا الطبيعة ملجأً ضروريًا لتوازننا وشفائنا، لذلك استمتعوا بفوائدها من خلال ممارسات بسيطة ومتاحة، واكتشفوا من جديد قوة الطبيعة في الشفاء وتقوية أجسامكم.

الكلمات المفتاحية: العلاج بالبستنة؛ العلاج بالغابات؛ العلاجات؛ الصحة؛ العلاج بالحيوانات؛ الحيوانات؛ الأرض؛

مقالات في نفس الموضوع