صحة جيدة لحياة أفضل

سمات الشخص الصادق 

حرر : د. فتاح زورا | طبيب نفسي
28 مارس 2025

أن تكون صادقًا لا يعني فقط أن تكون على طبيعتك، بل هو أيضًا أن تجد توازنًا بين الصراحة، والاحترام، والنزاهة، مع الاستمرار في التفاعل مع عالم يفرض أحيانًا معايير صارمة. فبعض الأشخاص يتطلعون إلى المزيد من الصدق في طريقة تواصلهم وتعبيرهم عن أنفسهم. لكن، ما هي سمات الشخص الصادق حقًا؟

تقوم الأصالة على الصدق العميق، فالشخص الصادق لا يلعب أدوارًا زائفة، بل يظل متمسكًا بقيمه في مختلف الظروف. كما أنه لا يسعى لنيل إعجاب الجميع بأي ثمن، ولا يحاول جذب الآخرين ليحظى بالقبول، لذا فإنه يتحمل مسؤوليته الكاملة عن ذاته، بما لها وما عليها، دون اللجوء إلى التلاعب، في حين أن حديثه شفاف، يقول ما يفكر فيه بصدق، دون كذب أو تصنّع.

ومع ذلك فإن قول الحقيقة لا يعني أن تكون قاسيًا أو جارحًا. فالأصالة لا يجب أن تُستخدم كذريعة لإيذاء الآخرين، كما أنه من الضروري إيجاد توازن بين الصراحة واللطف للحفاظ على جودة العلاقات.

أن تكون صادقًا يعني أيضًا أن تكون منصتًا. فالشخص الصادق يستمع إلى احتياجاته الداخلية، وفي الوقت ذاته يكون حساسًا تجاه مشاعر الآخرين، ولا يعني ذلك أنه يسمح للآخرين بالتأثير عليه أو بتوجيه سلوكه، بل إنه يعرف كيف يقول “لا” عند عدم الاتفاق، ولا يخضع لتوقعات الآخرين لمجرد إرضائهم.

الشخص الصادق يدرك أنه لا يمكن أن يُحبّه الجميع أو أن يُفهم دائمًا، ويتقبل ذلك دون محاولة التماهي مع الآخرين. كما أن سلوكه يوحي بالثقة والاحترام، لأنه يعبر عن انسجام بين ما يفكر به وما يقوله وما يفعله.

لا تُعبَّر الأصالة بنفس الطريقة في جميع مجالات الحياة. فبالإمكان أن يكون الشخص مخلصًا لقيمه، مع التكيّف مع مختلف السياقات، سواء في العمل أو العلاقات أو داخل الأسرة، لذا المهم هو البقاء منسجمًا مع الذات، مع احترام خصوصيات العلاقات ومقتضيات كل موقف.

تتجلى الأصالة أيضًا في الاتساق القوي بين الأفكار، والأقوال، والأفعال. فالشخص الصادق لا يقول شيئًا ويفعل عكسه. هو يُجسِّد قيمه في حياته اليومية ويتصرف وفق قناعاته، وهذه النزاهة هي التي تلهم الآخرين وتكسبهم احترامهم.

لا يسمح الشخص الصادق للتيارات أو الضغوط الاجتماعية أو نظرات الآخرين بأن تملي عليه سلوكه. أين يسلك طريقه الخاص، ويتخذ قراراته بما يتماشى مع قيمه، ويتحمل مسؤولية اختياراته حتى وإن لم تكن شائعة.

الأصالة لا تعني الجمود، فالشخص الصادق يدرك أنه ليس على صواب دائمًا، وأنه يستطيع التعلم من الآخرين. هو يعترف بأخطائه ويتطور دون أن يتنكر لنفسه، كما أنه لا يسعى إلى الظهور بصورة مثالية، بل إلى النضج والبقاء وفيًا لذاته.

الأصالة تُلهم وتُجذب، فالشخص الصادق ينشر طاقة إيجابية، لأنه لا يتقمص أدوارًا زائفة، كما أن سلوكه الصادق والمتماشي مع قِيَمه يولّد الثقة والاحترام.

وأخيرًا، لا يخضع الشخص الصادق لمعايير لا تشبهه، إذ أنه يبني حياته وفق مبادئه وطموحاته، دون خوف من الخروج عن المألوف.

أن تكون صادقًا، هو أن تعيش في انسجام مع قناعاتك، دون تزييف أو أقنعة، مع الحفاظ على علاقة قائمة على الاحترام مع الآخرين.

مقالات في نفس الموضوع